نواجه في حياتنا اليومية جملة من الضغوط النفسية التي تعد واحدة من أهم التحديات في طريق إنجازنا وتقدمنا. فالأزمات والمشاكل التي نواجهها والأفكار والضغوط التي تثقل علينا تؤثر بشكلٍ كبير على صحتنا النفسية وعلى المحيطين بنا. سنستكشف هنا أبرز وأسهل طرق التعامل مع هذه الضغوط من خلال الرعاية الذاتية وبدون مساعدة خارجية.
يقول مسؤول الصحة النفسية وإدارة الحالة بأطباء العالم- سويسرا أحمد الفرا، إنّه من الأهمية إدراك أن الضغوط النفسية موجودة في جميع أنحاء العالم، ولكن قد تتفاوت درجة وطبيعة هذه الضغوط حسب الظروف والبيئة التي يعيش فيها الأفراد.
في قطاع غزة، على سبيل المثال، تواجه الناس ضغوطات نفسية إضافية بسبب الأزمات السياسية والاقتصادية والصراعات المستمرة. ومع ذلك، يجب ألا ننظر إلى الأمور بشكل سلبي، بل يجب علينا أن نرى المرونة النفسية والقدرة الاستثنائية للأفراد في غزة على التكيف والصمود رغم الظروف الصعبة.
ويشير الفرا إلى أن الضغوط النفسية هي جزء من حياتنا، ولكن يمكننا التعامل معها بشكل صحيح وفعال بواسطة التخطيط والتنظيم، واعتماد أساليب التحكم في الضغط، والاستثمار في الرعاية الذاتية، التي تساعد على تقليل تأثير الضغوط النفسية والحفاظ على صحتنا العقلية والجسدية. مؤكدا على ضرورة تذكر أن الاستقامة والمرونة النفسية هما مفتاح النجاح في تجاوز التحديات والتحسن في الحياة اليومية.
لذلك، من المهم أن نتعامل مع الضغوط النفسية بشكل إيجابي ومتعلم، من خلال النظر إلى التحديات كفرص للنمو والتطوير الشخصي. إضافة إلى المحافظة على اتخاذ نظرة إيجابية تجاه الحياة والتذكر دائمًا أن الصعاب قد تكون فرصًا للتعلم والتحسن.
ويشير الفرا إلى أنّ الرعاية الذاتية تُعد أداة قوية للتعامل مع الضغوط النفسية. فهي تشمل مجموعة من الاستراتيجيات والتقنيات التي يمكن للفرد أن يستخدمها لتقوية صحته النفسية والتحكم في ردود فعله تجاه الضغوط.
كما أنها رحلة مستمرة للتعلم والنمو الشخصي، إضافة إلى ذلك فإنّ الممارسة المنتظمة للعناية الذاتية وتبني استراتيجيات صحية للتعامل مع الضغوطات النفسية، تمكِّننا من تحقيق التوازن والسعادة في حياتنا.
وينصح الفرا إلى أنّه في البداية علينا أن نحاول تخفيف العبء اليومي والضغوط النفسية عن أنفسنا قبل أن نلجأ لطلب المساعدة.
وقال، "هناك العديد من خطوات الرعاية الذاتية التي يمكننا اتخاذها، وتشمل بناء علاقة صحية مع الذات، وتحديد أهداف واضحة، وتخصيص وقت للقيام بالأنشطة التي تستمتع بها، والاستماع إلى احتياجاتك الشخصية وتلبيتها". قد تشمل هذه الأنشطة ممارسة التأمل أو اليوغا، قراءة الكتب المفيدة، كتابة يوميات، أو الاستماع إلى الموسيقى المريحة.
إضافة إلى ذلك، ينصح الفرا باتباع سلسلة من الإجراءات التي قد تساعدنا على إدارة ضغوطاتنا النفسية بمرونة. وهي كالتالي:
التواصل
حاول التحدث مع شخص موثوق به عن مشاعرك وما تواجهه من ضغوط. يمكن أن يكون هذا الشخص صديق، أحد أفراد العائلة، أو حتى مستشار نفسي متخصص.
إدارة الوقت
قم بتنظيم وتحديد أولوياتك وتخصيص وقت للقيام بالأنشطة التي تستمتع بها وتساعدك على الاسترخاء وتخفيف التوتر.
العناية بالجسم
اهتم بصحتك البدنية من خلال ممارسة التمارين الرياضية بانتظام والحصول على قسط كافٍ من النوم وتناول الغذاء الصحي.
تقنيات التنفس والاسترخاء
جرب تقنيات التنفس العميق والاسترخاء مثل التأمل واليوغا وتمارين التنفس العميق لتهدئة العقل وتخفيف التوتر.
التفكير الإيجابي
حاول أن تغير من نظرتك للأمور وتركز على الجوانب الإيجابية في حياتك. قم بممارسة الامتنان والتفاؤل وتحويل الأفكار السلبية إلى أفكار إيجابية.
إدارة التوتر
استخدم تقنيات التحكم في التوتر مثل التدريب على الاسترخاء التدرجي وتقنيات العصف الذهني للتخلص من التوتر وتهدئة الأعصاب.
الاهتمام بالاحتياجات الشخصية
قم بتخصيص وقت لنشاطات تستمتع بها وتمنحك شعورًا بالرضا الشخصي. قد تشمل هذه الأنشطة القراءة، أو الرسم، أو الاستماع إلى الموسيقى، أو أي هواية تسترخي من خلالها.
البعد عن المواد الضارة
تجنب اللجوء إلى المواد الضارة مثل التدخين أو الكحول للتعامل مع الضغوط النفسية. فقد يكون لها تأثير سلبي على الصحة النفسية وتزيد من مشاعر التوتر والقلق.
ومن المهم إدراك أن التعامل مع الضغوط النفسية يحتاج إلى صبر وتواصل مستمر مع الذات. قد يستغرق الأمر بعض الوقت للعثور على الاستراتيجيات والتقنيات التي تناسبك بشكلٍ خاص.
لكن إذا كنت تشعر بأن الضغوط النفسية تتفاقم وتؤثر بشكل كبير ومستمر على حياتك اليومية، فمن الضروري ألا تتردد في البحث عن المساعدة. يمكنك اللجوء إلى الأصدقاء والعائلة المقربة للدعم، والتحدث إلى مستشار نفسي أو خبير في الصحة النفسية. قد يكون لديهم الخبرة والمعرفة لمساعدتك في التعامل مع الضغوط النفسية بشكل فعال.
يقول الفرا، في بعض الأحيان، نشعر بالقلق من أن يصف الخبراء حالتنا بأنها "لا تستحق القلق"، ولذلك نبحث عن خطوط مجانية توفر لنا الدعم. هناك العديد من المؤسسات التي تقدم خدمات خطوط مجانية وأود أن أشير إلى أفضل ثلاثة أرقام. بالطبع، هذه الأرقام تحافظ على السرية التامة وتتعامل بشكل كبير مع متطلباتنا.
الرقم الأول هو رقم وزارة الصحة في قطاع غزة، ويمكنك التواصل معهم على الرقم 113. يمكنهم تقديم المساعدة والدعم بشكل فعال.
الرقم الثاني هو رقم مؤسسة "سوا"، وهو 121. تعمل هذه الجمعية في قطاع غزة ولديها تطبيق خاص يمكن تنزيله للتعامل مع ضغوطات نفسية بسيطة، حتى إذا كان لديك بعض الضغوطات النفسية مثل القلق قبل امتحان، يمكنهم مساعدتك هاتفياً أو عبر الإنترنت.
بالإضافة إلى ذلك، إذا كنت بحاجة إلى تدخل نفسي عميق، يمكن للأطباء النفسيين في مؤسسة "سوا" مساعدتك عبر الإنترنت. المقر الرئيسي للجمعية في الضفة الغربية.
الرقم الثالث هو رقم جمعية "عايشة لحماية المرأة والطفل" في قطاع غزة، وهو 1800170171. لديهم أيضًا تطبيق يمكن تنزيله، وهم متخصصون في التعامل مع جميع المشكلات.
في الختام، يجب أن نضع في اعتبارنا أن الرعاية الذاتية هي عملية مستمرة ومتكاملة. عندما نعتني بصحتنا النفسية ونتعامل بفعالية مع الضغوط النفسية، نعزز قدرتنا على التكيف والازدهار في الحياة.
الضغوطات النفسية والتخلص منها