مرضى الكلى بغزة يواجهون خطر الموت المحقق

عجز وزاري عن توفير مستلزماتهم

مرضى الكلى بغزة يواجهون خطر الموت المحقق

ينتاب المريضة حنان نور (54 عامًا)، قلقاً شديداً على حياتها بعد إعلان وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، عن عجز المستلزمات الطبية الخاصّة بمرضى الكلى.

السيدة نور التي ارتبطت حياتها بجلسات غسيل الكلى منذ أن أصيبت بمرض الفشل الكلوي المزمن قبل ثلاث سنوات، قالت إنه ليس أمامها من فرصة لتوفير العلاج المناط بوزارة الصحة، وهذا أكثر ما يثير مخاوفها، بمعنى أنه لا تتوفر بدائل لهذه الخدمة العلاجية.

وصرحت الوزارة في غزة، بأن هناك نقصًا حادًّا في المستهلكات الطبيّة الخاصة بمرضى الفشل الكلوي، وهو ما يُشكِّل خطرًا على حياة نحو (1100) مريض بينهم 38 طفلًا، موزعون على محافظات القطاع الخمس.

وحذرت "الصحة" من النقص في الاحتياجات الطبية في أقسام غسيل الكلى، جرّاء العجز والنقص الدوائي في المستودعات، والذي قد يؤدي إلى توقف خدمات غسيل الكلى كليًا في أروقة مستشفيات قطاع غزة.

تقول السيدة نور: "لم أذق طعم النوم ليلة أمس بسبب التفكير في حالي وحال مرضى الكلى، وهو شكل الخطر الذي ينتظرنا إذا توقفت الخدمات العلاجية اللازمة لنا".

وأردفت، "نحن نعيش على غسيل الكلى، هل سيتركوننا نفارق الحياة هكذا؟"، مناشدةَ الجهات المختصة بالتدخل العاجل لدعم وزارة الصحة في قطاع غزة الذي يعاني حصاراً منذ نحو 17 عاماً على التوالي.

وبيّنت أن أعداد المرضى ممن يتلقون خدمة غسيل الكلى داخل مجمع الشفاء الطبي، غرب مدينة غزة (أكبر مجمع طبي على مستوى القطاع) كبير جداً ويجري تقسيمهم على ثلاث فترات خلال اليوم الواحد، لضمان تقديم الخدمة لهم جميعاً.

إلى جانب نور يجلس المرضى على أسرّتهم الطبية، ومظاهر الألم، تبدو جلّية على محياهم، بينما ينتظرون دورهم لجلسات غسيل الكلى، التي تمثّل بارقة أملهم الوحيدة للبقاء على قيد الحياة.

من هؤلاء المرضى، أشرف أبو عمرة، الذي يخضع أيضًا لثلاث جلسات غسيل كلى أسبوعيًا، يقول، "أعاني من عدم توفر العلاجات اللازمة، فأضطر إلى شراء بعضها على حسابي الشخصي، على الرغم من سوء ظروفي الاقتصادية".

واتسمت ملامح أبو عمرة بالحزن، وهو يتحدث عن الأثر النفسي والصحي والطبي السيء الذي يصيب مرضى غسيل الكلى، في ظلّ الأنباء المتواترة عن توقف الخدمات الحيوية لعلاجهم؛ الأمر الذي قد يودي بحياتهم للخطر.

ويحتاج المرضى الذين يزرعون كلى، إلى أدوية وعلاجات مزمنة باهظة الثمن، وبما أنّ وزارة الصحة تحذر من فراغ المستودعات المركزية بشكلٍ تام من المستهلكات الطبية الخاصة بعلاجهم فإنّ الخطر يحدّق بهم.

بدورها تواصلت "آخر قصّة"، مع مدير دائرة صيدلة المستشفيات في الإدارة العامة للصيدلة بوزارة الصحة بغزة، علاء حلس، للتعرّف على دورهم في رعاية مرضى الكلى.

وقال حلس إن وزارة الصحة تعتمد على ثلاثة مصادر تمويل أساسية لتوفير الاحتياجات من الأدوية والمستلزمات الطبيّة، تمثلت في وزارة المالية في غزة، شحنات الأدوية المرسلة من رام الله، وتبرعات وهبات من الدول المانحة. فيما تُغطي هذه المصادر 60% فقط من احتياج القطاع الصحي، الذي يحتاج ما بين 4-5 ملايين دولار أمريكي شهرياً، مما يكشف عن عجزٍ دائم بنسبة 40% في وزارة الصحة.

وتوفر وزارة الصحة لمرضى الكلى (1100 مريض)، ستة مراكز لغسيل الكلى موزعة على كافة محافظات قطاع غزة، فيما يحتاج هؤلاء المرضى إلى غسيل كلى ثلاث مرات أسبوعيًا أيّ ما يُعادل (12 مرة) شهريًّا.

يوضح حلس، أن جلسات غسيل الكلى تستلزم مستهلكات طبية يحتاجها كل مريض، وهي: فلتر للدم، وأنابيب للدم، ووصلتين دموية. يقول، "وتستخدم هذه المستلزمات لمرة واحدة وبتكلفة عالية الثمن لا يستطيع المريض تحملها".

وكون خدمة غسيل الكلى متوفرة فقط في وزارة الصحة وغير مُتاحة في القطاع الخاصّ فإنّ هذا الأمر يُفاقم الأزمة ويزيد معاناة مرضى الكلى، فيما يشير حلس إلى أنه على الرغم من اقتصار الخدمة على القطاع الحكومي لكن تكلفتها تفوق مصادر التمويل التي تعتمد على الوزارة إلى جانب صعوبة حصول العديد من المرضى عليها لغلاء ثمنها.

وتبدو أزمة نقص الخدمات الطبية في وزارة الصحة أزمة متكررة، إذ مرت "الوزارة" بهذه الأزمة قبل نحو ثلاثة شهور وعملت على معالجتها بشكلٍ مؤقت من خلال وزارة المالية بغزة التي وفرت الأموال اللازمة لشراء المستهلكات الطبية الخاصة بمرضى فشل الكلى؛ لكن ما أن مضى شهران حتى عادت الأزمة من جديد.

في ظلّ هذه الظروف، يشير حلس إلى عجز وزارة الصحة في غزة التي منذ استشعارها الأزمة ناشدت كافة المؤسسات الدولية، إذ إن المستهلكات الطبية المتوفرة في مستودعاتها حاليًا بالكادّ تكفي لتغطية احتياجات المرضى لعشرة أيام قادمة فقط.

وناشدت وزارة الصحة بغزة المنظمات الحقوقية، ووسائل الإعلام، ووزارة الصحة برام الله، لتوفير التمويل اللازم لتغطية الأزمة. وشدد حلس على خطورة الأوضاع الصحية للمرضى في حال غياب المستلزمات الطبية وعدم الخضوع لجلسات الغسيل؛ الأمر الذي يتسبب بتراكم السموم والسوائل في أجسامهم، وارتفاع نسبة البوتاسيوم في الدم وهو ما يؤدي إلى موتٍ محقق.