تستضيف "فيسبوك"، كونها واحدة من أبرز المنصات الاجتماعية عبر الإنترنت، العديد من المجموعات التي تهتم بقضايا واهتمامات مختلفة. من بينها المجموعات النسائية كمساحة تفاعلية للنساء للتواصل ومناقشة القضايا المشتركة ومشاركة الخبرات والتجارب وهي فرصة للتواصل بغض النظر عن المسافات الجغرافية والحواجز الزمنية.
وتحظى المجموعات على فيسبوك بأعداد كبيرة من المشتركين، ومن أبرزها في قطاع غزة، مجموعة ملتقى سيدات غزة التي يشترك فيها 155 ألف عضو، بالإضافة إلى مجموعة طبخات غزاوية التي يشترك فيها 68 ألف عضو، وكذلك مجموعة أكلات فلسطينية طيبة التي تتضمن 50 ألف مشترك.
غير أنّ، الآراء تتباين حول طرق استخدام هذه المجموعات والفائدة التي تجنيها النساء من مشاركتها فيها، إذ يجد فيها البعض مساحته الآمنة للتعبير عن الأفكار ومشاركة القصص وتلقي النصائح في القضايا المشتركة.
في المقابل، واعتبار أنّ تلك المجموعات تُشكِّل مجتمعات افتراضية، فهناك آخرين يرونها مساحة غير آمنة البتة، تنتهك الخصوصية العائلية عند تبادل الآراء في المشكلات الأسرية، وغيرها.
سماح صالح واحدة من الأعضاء النشطات في مجموعة خاصة بالنساء على "فيسبوك"، تشارك وتتفاعل مع المحتوى المطروح وتقدم النصائح والاستشارات حسب خبرتها في المحاماة وأمور الأسرة والأمومة.
ويحتل النشر على مجموعة "فيسبوك" جزءًا من روتين سماح اليومي، إذ تشعر بأهمية ارائها ومساهماتها في إفادة الآخرين، كما تؤكد أن المجموعة تساعدها في الحصول على مشورة وتوصيات قيّمة من الأعضاء الأخريات.
من بين تلك الموضوعات التي تشاركها النساء في فترة الأعياد، وفقًا لتجاربهن الشخصية، هي أسماء المحالّ التي توفر ملابس عصرية بأسعارٍ معقولة للكبار والصغار، كما تتشارك مشترياتهن للاستفادة من آراء الأخريات بشأن التصاميم وتناسق الألوان والاكسسوارات.
ومن جانبها، تحاول إدارة هذه المجموعات تقديم بيئة آمنة وصحية قدر المستطاع، وفقًا لصالح، وذلك عن طريق حجب الآراء السلبية؛ بهدف الحفاظ على تجربة إيجابية وبناءة للأعضاء.
على النقيض من صالح، ترى إيمان عبد الودود (32 عامًا) وهي عضو في إحدى المجموعات النسائية على "فيسبوك" أنّ هذه المجموعات تتسم بالتنمر وتقدم نصائح غير مبنية على الخبرة العملية.
وتعبر عبد الودود وهم أمّ لطفلتين عن استغرابها من بعض السيدات اللواتي يُشاركن قضايا شخصية جداً تتعلق بالعائلة والوضع المادي والخلافات الزوجية، خاصّة أن المجتمع لا يخلو من المشاكل ولكل عائلة خصوصيتها التي لا يستطيع أحد المساعدة بها، حسب تعبيرها.
فيما تستفيد السيدة من بعض وصفات الأكلات السهلة وطرق طهيها التي تشاركها السيدات، أما ما دون ذلك فتجده هتكًا للخصوصية، وتدعو للحفاظ على الاحترام وتقييد المحتوى السلبي للحفاظ على بيئة آمنة وصحية.
وعلى الرغم من إنشاء "فيسبوك" عام 2004 وانتشارها التدريجي لتصبح واحدة من أكبر المنصات إلا أنّه لا يمكن اعتبار المجموعات طريقة تقليدية في التواصل، فهي من منظور المختص الرقمي محمد أبو غوش، تمثل امتداداً للمنتديات التي كان يستخدمها الشباب والفتيات سابقًا كنوع من التواصل الاجتماعي عبر الانترنت.
يقول أبو غوش في حديثٍ لـ "آخر قصّة"، إنّ هذه المجموعات على الرغم من قيمتها في تعزيز الاندماج الاجتماعي والدعم المتبادل؛ غير أنّه من المهم ملاحظة أنّ هذه المجموعات تواجه تحديّات كالتنمر أو انتشار المعلومات غير الصحيحة أو الاضطرابات الهادفة للتخريب.
ونظرًا لاشتراك شخصيات بأسماءٍ وهمية في تلك المجموعات بحيث يصعب التأكد من هويتهم ونوعهم الاجتماعي، فإنّ الأمر مدعاة لفتح الشكوك وعلامات الاستفهام في هذا الفضاء الذي يتكرر فيه طرح المشاكل الأسرية ومنها ما يؤدي للطلاق وإفساد العلاقات الاجتماعية بسبب الاستخدام غير الصحيح، وفقًا لأبو غوش.
وقد تبين وفقًا لمصدرٍ أمني أنّ النساء يُواجهن مشكلات تتعلق بـ "الابتزاز الالكتروني"، التي زادت لمعدّل 200% خلال العام الماضي 2022، عن العام الذي سبقه؛ ما يُشير إلى خطورة الاستخدام الرقمي غير الآمن والواعي.
وأكّد المختص الرقمي على أن الوصول لبيئة آمنة على مجموعات "الفيسبوك"، لا يتم إلا بإدارتها بعناية مع تقييد وفلترة المشاركات والتعليقات، مع خلال مجموعة من المسؤولين المختلفين فكرياً وعمرياً؛ وذلك لضمان التنوع فيها.
أما حول استخدام رقمي أكثر أمانًا، فقد نصح أبو غوش السيدات بمجموعات "واتساب" التي تعتمد على رقم الهاتف، مشيرًا إلى أنها تضمن الأمان والخصوصية وعدم إمكانية الاختراق أو الوصول للمعلومات الشخصية، التي يستخدمها بعض الأشخاص للابتزاز الإلكتروني للحصول على المال أو لمصالح شخصية.