ظلّت السيدة الأربعينية آمال إبراهيم لأكثر من شهرين تُعاني إجهاد وإرهاق عام. وكانت تُرهق من أبسط عمل منزلي تقوم به، فتضطر لأخذ قسط من الراحة ما بين كل نصف ساعة والأخرى، حتى أصبحت لا تحتمل وضعها.
توجهت آمال إلى عيادة الأونروا القريبة من منزلها في حيّ التفاح بمدينة غزة، وهناك طلب منها الطبيب إجراء بعض تحليل لفحص معدل فيتامين (د)، في مختبرٍ خارجي إذ لا تغطي نفقة العيادة الخاصّة باللاجئين تحاليل من هذا النوع.
وعندما ذهبت إبراهيم التي تُعيل أطفالها الأربعة بعد وفاة والدهم، إلى مختبر تحاليل طبية في المحيط، وهي تظنّ أنها ستجري تحليل (فحص دم CBC) الذي لا تتجاوز تكلفته (5 شواكل). حيّنها تفاجأت السيدة أن تكلفة التحليل تفوق ميزانية محفظتها الصغيرة بثمانية أضعاف.
وهناك عرفت أنها ستجري تحليل لمعرفة معدل فيتامين (د) بتكلفة (40 شيكل)، وربما تحتاج دفع الثمن نفسه أو أكثر بقليل لشراء أقراص المكملات الغذائية منه في حال تبين نقصانه لديها، وهو ما يصعُب عليها توفيره في ظلّ دخل أسرتها المحدود جدًا.
واضطرت السيدة إبراهيم للاستدانة من جارتها قيمة التحليل إلى حين الحصول على ما يعرف بشيك الشؤون (وهي منحة حكومية تقدم للأسر الفقيرة كل ثلاثة أشهر)، وبالفعل تبين أنها تعاني من نقص حاد في هذا الفيتامين.
يعد فيتامين (د) واحدًا من أهم العناصر الغذائية الضرورية لصحة الجسم، فيما يعتبر ضوء الشمس المصدر الأساسي لهذا الفيتامين.
يشير الأطباء إلى أن نقصان فيتامين (د) يتسبب بالعديد من المشكلات الصحيّة إذا تُرِك دون علاج. يؤدي نقصه إلى هشاشة العظام لدى البالغين، والكساح عند الأطفال، ويؤدي إلى نتائج سلبية عند النساء الحوامل.
ويُعرف علميًا أنّ معدلات الإصابة بنقص فيتامين (د) عند النساء أكثر من الرجال نظراً لعدّة أسباب، منها حاجة الجسم إلى المزيد من هذا الفيتامين أثناء الحمل والرضاعة، إلى جانب تغطية النساء أجسامهم في المجتمعات المحافظة.
لكن السؤال كيف يمكن أن تتأكد النساء وبخاصة الفقيرات وذوات الدخل المحدود وأولئك اللواتي يترأس أسرهن لأنهن مطلقات أو أرامل، من مستوى فيتامين (د) في الجسم؟ قبل أن يضطررن إلى الاستدانة من أجل إجراء التحليل؟.
يشير الأطباء إلى أنه بالإمكان قيام النساء أولاً بمطابقة أعراض نقصه مع حالاتهن، وذلك من خلال توضيح قائمة الأعراض، والتي منها: الإرهاق المزمن، أمراض المناعة مثل التصلب المتعدد والتهاب المفاصل، الألم المزمن في أعضاء مختلفة من الجسم بما فيها الظهر والعظام، هشاشة العظام، ارتفاع ضغط الدم، تساقط الشعر، اضطرابات الوزن، فقدان الشهية.
وهذا بالنسبة للأطباء شكل من أشكال التعرف على دلائل نقص الفيتامين، مشترطين على النساء أنهن يسألن أنفسهن عن تلك الأعراض قبل أن يتوجهن إلى المختبرات للتأكد من أن أجسادهن تحظى بقدر كاف من فيتامين (د).
وفي الوقت الذي يعاني فيه جميع السكان من ارتفاع حادّ في درجات الحرارة خلال فصل الصيف، يضطر الكثير من الناس للإحجام عن التعرض المباشر للشمس، لما له من مخاطر جسيمة. فيما يتساءل البعض عن بدائل آمنة وفي متناول اليد للحصول على فيتامين (د).
ينصح الأطباء النساء تحديدًا بالحصول على هذا الفيتامين بطرق طبيعية وبديلة للتعرض لأشعة الشمس، إذ يمكنهم الحصول على الكمية المطلوبة من فيتامين (د) من المطبخ، عن طريق اتباع نظام غذائي متوازن لأن الجسم بإمكانه امتصاص هذا الفيتامين من الأطعمة أيضًا.
يوجد فيتامين دال في العديد من الأطعمة المتوفرة مثل صفار البيض، الأسماك الزيتية، كالسردين والسلمون والماكريل، إضافة إلى اللحوم الحمراء، والكبد الحيواني، وأيضًا حبوب الإفطار وحليب الأبقار والزبادي، وأخيرا الفِطر.
بالإضافة على ذلك يمكن أن تساعد مكملات فيتامين (د) التي لا تستلزم وصفة طبية، أولئك الذين بإمكانهم توفيرها إذ تساعد في رفع نسبته في الجسم بشكلٍ جيد أيّضًا.
وقال الدكتور مايك رين، الأستاذ المساعد في طب الأسرة والمجتمع في جامعة بايلور بالولايات المتحدة، إن الناس قد يعانون من مشكلات مختلفة تمنعهم من الحصول على فيتامين (د) من الطعام أو أشعة الشمس؛ لذلك من المهم أن يكونوا على دراية بجميع الخيارات المتاحة أمامهم.
وأردف رين أنّه ليس من المهم كيف تحصل على فيتامين دال، سواء كان مزيجًا من الشمس والنظام الغذائي أو من المكملات الغذائية فقط، إذ يمكن لجميع أشكال ومصادر الحصول عليه أن تعمل بشكلٍ جيد.
ويُنصح طبيًا، بمحاولة الحفاظ على معدلات فيتامين (د) في الجسم لما يؤديه من وظائف مهمة، منها الدعم المناعي إذ يلعب دورًا هامًا في دعم جهاز المناعة، بالإضافة إلى مساهمته في بناء العِظام القوية والصحية لأنه يعزز امتصاص الكالسيوم والفوسفور من الأمعاء.
إلى جانب ذلك، يدعم فيتامين دال صحة القلب و يحسن وظائف الأوعية الدموية. وله أيضًا أهمية على الصحة العقلية إذ يتسبب نقصه في الاكتئاب والقلق، كما يساعد فيتامين دال على التوازن الهرموني بما فيها إفراز الإنسولين الذي يساعد في تنظيم مستويات السكر في الدم. وأخيرًا يحمي من أمراض القلب والسكري وسرطانات معينة.
نقص فيتامين دال