يواجه عمل ذوي الإعاقة في مجال الإعلام تحديات كبيرة مع ظهور الذكاء الاصطناعي (AI) وقدرته على إنتاج نصوص ومقاطع فيديو بسرعة ودقة ملحوظة؛ لأنّ المنافسة ليست فقط مع زملائهم البشر ولكن أيضًا مع تطبيقات إلكترونية.
قدّمت إسلام عبد الرحمن (28 عامًا) مساهمة قوية في عملها بمجال المونتاج، ولم تُعقها إصابتها بالشلل النصفي واستخدامها كرسيًا متحركًا عن التطور في العمل؛ وهي واحدة من الأفراد ذوي الإعاقة الذي يُشكّلون ما نسبته 3% في قطاع غزة؛ لكن الفتاة تواجه صعوبة في التكيف مع التطورات السريعة في مجال الإعلام الرقمي.
في حين تمارس غادة زملط (30 عامًا)، التي تعاني من إعاقة بصرية، عملها في التعليق الصوتي منذ عدة سنوات، وترى أنّها صنعت بصمة قوية في المجال؛ إلا أنّها لم تستخدم بعد تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العمل رغم إدراكها أنَّ لديه القدرة على تحسين عملها وجعله أسهل.
وتعزو الفتاتان ذلك إلى أنّ المؤسسات ذات الاختصاص لم تلتفت إلى احتياجاتهم، فهم بحاجة إلى دورات تدريبية تعزز مهاراتها في العمل على تطبيقات الذكاء الاصطناعي؛ لتخفف عبء التعامل مع برامج المونتاج المعقدة، حسب تعبيرها.
من ناحيةٍ قانونية فإنّ قانون العمل الفلسطيني يُلزم أرباب العمل في المادة (13) منه، بتشغيل عدد من ذوي الإعاقة المؤهلين بأعمالٍ تتلاءم مع إعاقتهم؛ وذلك بنسبةٍ لا تقلّ عن (5%) من حجم القوى العاملة في المؤسسة، كما تحظر المادة (16) منه التمييز في ظروف وشروط العمل بين العاملين.
لكن المعضلة تكمن في كيفية تواءم ذوو الإعاقة مع ظروف العمل المتغيرة والمتطورة باستمرار. يقول فادي حرارة وهو مهندس حاسوب وأحد المتخصصين في مجال الذكاء الاصطناعي، إنّ مجال اختصاصه يمتلك القدرة على تحسين حياة الأشخاص ذوي الإعاقة وتعزيز الاستقلالية والشمول في المجتمع عامةً.
ويذكر حرارة تطبيقات تعمل بالذكاء الاصطناعي وتسهل على ذوي الإعاقة حياتهم مثل "Google Lookout" و"Google Live Transcribe" و"Alexa" و"Dulingo or Brain Power"، مشيرًا إلى تجربته في العمل على تطبيق مدعوم بتقنية GPT-4، يعد واجهة صوتية مركزة تعمل على تقديم التكيف العميق والمساعدة الشخصية للأشخاص ذوي الإعاقات الحركية.
وبينما أكّد حرارة خلال حديثه لـ "آخر قصّة" على أهمية دمج ذوي الإعاقة مع برامج الذكاء الاصطناعي عامةً لبناء مجتمع شامل ومتكافئ، اختلف معه محمود سمور وهو عضو الهيئة التدريسية في كلية العلوم التطبيقية بغزة، حول موضوع الذكاء الاصطناعي وقال: "إنّ ذلك المجال لا يُغني عن اللمسة البشرية، وأنَّ ذوي الإعاقة بحاجة للتواصل البشري بشكل أكبر.
بدورها، تُشير المختصة النفسية والاجتماعية سمية أبو حيّة إلى أنّ الذكاء الاصطناعي ساهم في تخفيف الضغوط النفسية على ذوي الإعاقة؛ مما يُغنيهم عن طلب المساعدة من أحد ويسهل دمجهم في المجتمع.
وسواء كان ذوو الإعاقة عاملين أو غير ذلك، فإنّ التطور التكنولوجي، من وجهة نظر أبو حيّة، ساعد هذه الفئة في قيادة السيارات واستخدام الهواتف الذكية واستخدام برامج تسهل حياتهم؛ لذلك من الضروري أن يظلّ التواصل والتفاعل البشري أولوية.
وبما أنّ عالم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لديه القدرة على إحداث ثورة في حياة الأفراد ذوي الإعاقة، من خلال تزويدهم بالأدوات والدعم اللازمين؛ الأمر الذي يُمكّنهم من تحقيق أهدافهم وتقديم مساهمات ذات مغزى للمجتمع. فإنّه من المهم للسلطات والمؤسسات المعنيّة إبداء مزيد من الاهتمام بهذا الأمر.
في الإطار، تواصلت "آخر قصّة" مع الاتحاد العام للأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة، للتعرّف على دورهم في دمجهم في التطورات التكنولوجية التي تجتاح سوق العمل، وقالت أمين سر الاتحاد سوسن خليلي، إنّهم ينظمون دورات تدريبية حول تطبيقات وبرامج محوسبة لتطوير مهارات ذوي الإعاقة.
وأفادت أنّ الكثير من ذوي الإعاقات المختلفة كالسمعية والبصرية والحركية، يستخدمون العديد من البرامج الحاسوبية وتطبيقات المونتاج والتصميم، وحصلوا على عمل لمدة شهرين ومنهم من استمر لأكثر من ذلك.
تتابين الآراء حول دور الذكاء الاصطناعي في دمج ذوي الإعاقة؛ إلا أنّ هناك إجماعًا على أنّ التقدم التكنولوجي لديه القدرة على تغيير حياتهم للأفضل؛ ولكن لا يزال هناك طريق طويل لنقطعه لضمان اندماجهم بالكامل في هذا المجال للارتقاء في مجتمعٍ أكثر شمولية ومساواة يُقدِّر مساهمات جميع الأفراد، بغضّ النظر عن قدراتهم.