في ظلّ الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تواجهها عائلة أبو سليمان وهي أسرة معدمة الدخل وتعيش على الكفاف، يعتبر عيد الأضحى فرصة ثمينة لها لتناول وجبة اللحوم، وبالأخص الكباب المشوي الذي يعد طبقاً مفضلاً لأسرته.
يكافح أبو سليمان القاطن غرب مدينة غزة بكل جهده لتأمين الطعام والملابس الأساسية لأفراد أسرته، على الرغم من عدم توفر عمل له منذ فترة طويلة وإصابته بمرض يعوقه عن العمل، ويعتمد على ما تجود به أيدي فاعلي الخير.
على إثر ذلك كان ينتظر أطفاله قدوم عيد الأضحى بفارغ الصبر ليشعروا بالبهجة والسعادة من خلال تناول اللحوم بأشكالها المختلفة.
تعيش عائلة أبو سليمان حالة من الحزن والعجز، حيث يحلم أطفالهم بتناول اللحم المشوي والذي تفوح روائحه في الغالب يوم الجمعة من كل أسبوع من نوافذ البيوت المجاورة. يعرفون الأطفال عدد الأيام المتبقية للعيد ويحتفظون بها في ذاكرتهم. ومع بدء عيد الأضحى أمس الأربعاء، شعروا بالفرحة أنه أصبح بإمكانهم استخدام لحوم الأضاحي التي تلقوها من المنظمات الخيرية في الشواء.
وتعاني عشرات الأسر في قطاع غزة من أزمات اقتصادية خانقة، بفعل الحصار الإسرائيلي وتدني مستوى الدخل، حيث تشير التقارير إلى بلوغ معدل البطالة إلى 45%، فميا أن معدل الفقر قد بلغ 64% في أوساط سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة.
وكذلك الحال تعيشه أم رشا، التي تقيم رفقة ابنتيها الصغيرتين، وتواجه صعوبات كبيرة في تأمين احتياجاتها الأساسية. تضطر في بعض الأحيان للعمل في تنظيف منازل الجيران مقابل أجر محدود لتلبية الحد الأدنى من الاحتياجات.
تقول أم رشا التي رفضت الكشف عن هويتها تعففاً: "رغم ظروفنا الصعبة، إلا أننا نحب الأعياد، فالله يبعث لنا الخير من الجيران والمؤسسات والأحباب الذين يعرفون وضعنا ويساعدوننا. وأنا أفعل ما بوسعي لتوفير بعض الحاجات الأساسية لبناتي، ومن بينها اللحم المشوي".
تشير السيدة إلى أنها لم تكن قادرة على توفير اللحوم الطازجة، لابنتيها طوال العام بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها. لكنها تحاول جاهدة تلبية رغباتهما بقدر استطاعتها. تقول أم رشا: "بسبب انتشار وسائل التواصل الاجتماعي يرون ما يأكله الناس ويطلبونه أيضًا كالكباب مثلاً، وانتظر العيد بفارغ الصبر حتى أتمكن من صناعة سفرة تلبي احتياجهم".
في الأثناء، يشير وسيم، صاحب أحد محالّ الشواء في غزة، إلى أن الطلب على اللحوم المشوية وبخاصة الكباب كواحدة من الأصناف المميزة، يزداد هذه الأيام (عيد الأضحى)، وبالتالي يحتاجون إلى مزيد من العمالة لتلبية الطلب المتزايد.
يشير وسيم إلى أن الاهتمام يتفاوت بين نقل اللحم وشواءه لدى محالّ الطهي بمقابل "أجر رمزي"، أو القيام بعملية الشواء داخل البيت توفيرا للتكاليف، وبخاصة بين العائلات ذات الدخل المحدود.
من جهته، يؤكد الخبير الاقتصادي أحمد أبو قمر أن العديد من الأسر في غزة يعانون من نقص في الأمن الغذائي، حيث لا يستطيعون توفير اللحوم الحمراء بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة والفقر الشديد الذي يعيشونه.
ويضيف أبو قمر في حديثه لـ"آخر قصة" أن العائلات بدأت تبحث عن بدائل أقل تكلفة لتلبية حاجاتهم الغذائية، ويشار إلى ذلك باسم "إحلال محل". وقد اضطر بعض الأسر ذات الدخل المتوسط إلى شراء اللحوم المثلجة في بعض الأحيان، حيث يكون سعرها أقل بنسبة ضعفين من اللحوم الطازجة.
لذا، يعتبر عيد الأضحى فرصة ممتازة بالنسبة للعائلات في غزة للاستمتاع باللحوم وتخزينها في الثلاجة لفترة طويلة قد تصل إلى شهر أو أكثر، على الرغم من أن انقطاع التيار الكهربائي المستمر قد يؤثر على إمكانية تخزينها لفترة أطول.