يقضي حسين جواد (30 عامًا) جُلّ وقته خلف مكتبه موظفًا في إحدى الدوائر الحكومية بمدينة غزة، من الساعة الثامنة صباحًا حتى الثانية ظهرًا، ورغم رتابة العمل الحكومي إلا أنّه يكتفي بها عملًا لقلّة الفرص الأخرى المتاحة.
ورغم أنّ الرجل يعمل منذ سنوات في مهنته هذه؛ إلا أنّه لا يتلقَ إلا 60% من راتبه الأساسي فيما يُحال المتبقي إلى المستحقات، كما لم يحظَ بأيّة ترقيات وهو حالٌ يتشارك معه فيه آلاف الموظفين الحكوميين في حكومة غزة المقدّر عددهم بـ (42 ألف) موظف.
ولا يختلف حال موظفي السلطة الفلسطينية الذين يتقاضون رواتبهم من حكومة رام الله عن نظرائهم كثيرًا فقد طالتهم الخصومات على الرواتب ووقف العلاوات والترقيات بقرارات وزارية.
تولّدت تلك الظروف التي أنهكت قطاع الموظفين العموميين في غزة والضفة الغربية بفعل الانقسام الفلسطيني، فيما كانت هذه الشريحة سابقًا من واحدة من الطبقات المجتمعية ميسورة الحال.
وفي غزة كانت فئة الموظفين تتميز بأوضاعٍ مادية جيّدة، وسُمي سوق الزاوية الكائن في البلدة القديمة بمدينة غزة والمعروف بجودة بضائعه وارتفاع ثمنها بسوق "الموظفين" انعكاسًا لذلك.
يتقاضى جواد لقاء وظيفته (1300) شيكلًا شهريًا أيّ ما يعادل (360 دولار)، ويوزعها ما بين مصاريفه المتعددة التي تخص البيت والأطفال.
وعلى الرغم من أوضاعه الاقتصادية المُترديّة لكن حسين وهو أبٌ لأربعة أطفال لا يبخل عليهما بالترفيه والتنزه على الأقل مرة واحدة شهريًا.
يقول الموظف لـ "آخر قصّة"، "اختار أماكن زهيدة الثمن كمتنزه البلدية وسط مدينة غزة الذي يفرض رسومًا رمزية تُقدّر بـ (2 شيكل للكبار)"، بينما يصرف الرجل نحو (100) شيكل ما بين ألعاب ووجبات طعام وغيرها.
وإضافة إلى ذلك يضطر الموظف حسين إلى دفع مواصلات يوميًا تقدّر بنحو (100) شيكل شهريًّا، كما يقوم بتوفير كسوة لأطفاله بما أسماها (كسوة غير كاملة وإنما توفير نواقص ملابس فقط) بنحو 300 شيكل شهريًّا.
ويتردد الرجل من حينٍ لآخر على مقهى مطل على شاطئ البحر، معروف بأسعاره الزهيدة، يرافقه أصدقائه في هذه الجلسة شبه الأسبوعية.
أما عن فواتير البيت فلا يوجد لدى حسين اشتراك انترنت إذ يستعيض عنه بما يصله من انترنت على هاتفه المحمول من خط الجيران، لكنه يدفع اشتراك كهرباء شهري إذ تصل فاتورة بيته إلى نحو (150 شيكل) شهريًا دونما تبذير في استعمال الأدوات الكهربائية، حسب تعبيره.
وأشار إلى أن قيمة الراتب لا تجدي نفعا مع زيادة المصروفات التي تترافق مع شهر رمضان والعيد أيضاً، لما لهاتين المناسبتين من استحقاقات مالية كبيرة على كاهل الموظفين بوجه خاص والعامة بشكل عام.
ورغم ما يُقاسيه جواد من ظروف مادية متأرجحة في وظيفته الحكومية كغيره من الموظفين إلا أنه يُحاول تحسين ظروف معيشته ويأمل بشراء سيارة تكفيه عناء المواصلات اليومية التي يُجبر عليها يوميًا، لكن هذه تظل أمنية بعيدة المنال في ظل العجز الشهري الذي يعانيه. ولا يملك الرجل إلا أن يقول: "ما باليد حيلة.. على قد لحافنا بنمد رجلينا".
فيما يلي قائمة المصروفات والعجز الذي يعانيه الموظف جواد: