كانت لوحة النكبة التي قضيتُ أكثر من 4 شهور متتالية لتجسيد أعظم حدث مأساوي مرَّ به الشعب الفلسطيني فيها، أهم اللوحات الفنيّة التي رسمتها وقد تملكتني حالة شعورية ومزاج عالٍ حينها ومرت ليالٍ كثيرة لم يغمض فيها جفني لتخرج للنور، أنا أحمد أبو ندى وإليكم قصتي وشغفي في عالم الرسم والفنّ التشكيلي.
تخرجتُ من جامعة القدس المفتوحة وحصلت على بكالوريوس إدارة الأعمال لكن ميولي للفنَّ استحوذ على وقتي واهتمامي وأصبحت أهرب من أعباء الحياة إلى الألوان واللوحات التي كان ملاذي وطريقتي للتعبير عن كل ما يجول في خاطري.
الرسم هو طموحي وأولوياتي في الحياة، لأنه طريقة مُسالمة تحمل الكثير من الجمال، إنه فضاء لا نهاية له، ولهذه الأسباب أنا أحب الرسم والفنّ عامةً وأشعر أنّ شخصيتي تنتمي له منذ ولدت.
لقد بدأت بالرسم مبكرًا في عمر الست سنوات أيّ قبل نحوِ عشرين عامًا، حينها اكتشفت عائلتي موهبتي وبدأوا بدعمي وتشجيعي ماديًا ومعنويًا إلى أن كبرت وأدركتُ قيمة ما أفعل فبدأت بالتدريب والممارسة المُكثفة التي تلتها المشاركات الفنيّة.
بجانب ذلك، كان لصداقتي مع الفنان المصري صاحب الخبرة (عادل الليثي) الذي بدوره ساعدني على التطور في مجال الرسم الزيتي وكان متفانياً في عطائه.
أسقط على لوحاتي مشاعري التي ترتبط بالدرجة الأولى مع الواقع المعيشي الذي أواجهه في قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من 15 عامًا وما يتعرض له من اعتداءات إسرائيلية، جميعها تبرز في لوحاتي خاصة اللوحات المرسومة بقلم الفحم التي أجد نفسي فيها أكثر من غيرها.
حقيقةً أنا الآن أشعر بالنقمة على ما نعيشه من حياة بائسة لا يوجد بها الاهتمام للمجال الفنّي بسبب ظروف الحياة الاجتماعية فهناك أشياء أخرى تهم المجتمع تعتبر من الأولويات الحياتية على غرار الفن، لكن هذا لم يؤثر لوهلة على اهتمامي بالمجال الفني أو استمراريتي وطموحي فيه.
الرسم بالنسبة لي حالة شعورية ومزاجية لا أستطيع التعامل إلا بها لأن الرسم لا يكون بالإجبار أو في حالات انعدام الطاقة والشغف فقد تدفعني حالتي الشعورية للرسم 7 ساعات متواصلة وقد تحرمني النوم مرات أخرى.
من أكبر عوامل الالهام بالنسبة لي فناني عصر النهضة مثل مايكل انجلو ودافنشي وكوربيه ورامبرانت، لأنهم ينتموا لنفس المدرسة التي أحبها وأنتمي إليها، إضافة للفنان الهولندي فان جوخ الملهم لأي فنان في هذا العصر.
وتثير إعجاب الكثير من اللوحات العالمية، أهمها لوحة (ساعة الليل) للفنان الهولندي رامبرنت، وأيضا لوحة (العشاء الأخير) للإيطالي ليوناردوا دافنشي، ولوحة (ليلة النجوم) للهولندي فان جوخ، والأعمال الفنية على الجدران والأسقف للفنان الإيطالي مايكل انجلو.
وكانت ثمرة هذا الاهتمام رسم الكثير من اللوحات، فقد شاركت في عدد من المعارض المحليّة والدولية ورأيت ردود فعل الحاضرين أمام لوحاتي مباشرة فكان لها أثرّ جميل على نفسي شجعني للمضي قدمًا والتطور أكثر فأكثر.
من أهم المعارض الفنيّة التي شاركت فيها داخل قطاع غزة هو معرض "القدس تناديكم" الذي أُقيم في قرية الفنون والحرف، إذ شاركت فيه باثنين من الأعمال هما (زهرة) و(القمر الدامي في مدينة القدس).
أما مشاركتي في المعارض الدولية تمثلت في معارض داخل جمهورية مصر العربية منها معرض "ألوان صبا" الذي أُقيم في اتليه القاهرة، وشاركت فيه باثنين من الأعمال هما (النكبة) و(عصية الدمع) وكلاهما يجسدون القضية الفلسطينية.
بالإضافة إلى معرض "رؤى عربية" الذي أُقيم في جاليري كليوبترا، وشاركت فيه بعمل (بورتريه ياسر عرفات)، أما الأخير فقد كان معرض "الشباب العربي" وضمّ مشاركين من جميع الدول العربية وأقيم في جاليري ضي، وشاركت فيه باثنين من الأعمال هم (الملاذ) و(Toxic).
لم يكن طريق الوصول إلى مستوى متقدم في عالم الفنّ التشكيلي مُمهداً وسهلاً عليّ، ومِثل أي موهبة احتجت للتدريب المتواصل والاطلاع والتعلم والمحاولة والجرأة في الطرح وتصحيح الأخطاء، وكان دافعي الأكبر هو موهبتي وطموحي الذي لا حدود له.
أطمح في الوصول إلى العالمية من خلال المشاركات الدولية في الكثير من الدول، وأسعى لأرسم لوحةً من فكرتي واعدادي وألواني وطاقتي الإبداعية أصلُ بها لعددٍ كبير من الجمهور وتُنشر في أهم المعارض حول العالم.