أنا سمر شرف (18 عام)، جئتُ إلى غزة وأنا ابنة 6 سنوات لا أتكلم إلا الروسية، فكان الرسم لغتي وملاذي للتعبير والتواصل مع الناس إلى أن أصبح اليوم نافذتي على العالم بعدما أصبحت أتقن فنونًا منه وأتمتع بأسلوبٍ فنّي خاصّ بي يُميز رسمي عن غيري.
أذكر عندما كنت في المرحلة الابتدائية لا أنطق العربية ولا أعرف كيف أخاطب زميلاتي الذين يلازمونني لساعاتٍ طويلة فأرسم لأعبر لهم عما أريد، وهكذا جعلتهم موهبتي في الرسم يلتفون حولي إلى أن أصبح الرسم رفيقي فأنا لا أذكر يومًا واحدًا توقفت فيه عن الرسم.
كان لأمي الدور الأكبر في توجيهي واجتهادها الكبير في مرحلة طفولتي لتسجيلي في كل النوادي التي تتعرف عليها حول الرسم والتكنولوجيا واللغات والبرمجة والتصميم والفنون الاستعراضية، وكان هدفها أن أتعرف على كل شيء لأختار ما يناسبني وفعلاً عندما كبرت علمت أن شغفي متوجه نحو الرسم.
شيئًا فشيئًا، انتقلت من مرحلة الخطوط الضعيفة في الرسم إلى اللوحات الناطقة التي تغنى بها الفنانون وخاصّة أولئك الذين دعموني منذ البداية كالفنان سلمان النواتي من مركز القطان الثقافي، والفنان صبحي قوتة من مركز رُسل، وغيرهم كثر كنت محظوظة جدًا بوجودهم في حياتي، وكان آرائهم في أعمالي أن أفكاري خلاقة وطريقتي في التلوين مميزة؛ ما دعمني أكثر للمواصلة.
تدربت كثيراً وكان الرسم هو أجمل ما أقوم به، وربما كانت أسوء اللحظات التي مررت بها خلال دراستي في مرحلة الثانوية العامة وأصابتني بالتهاب في أعصاب يدي؛ نظراً لكمية حلّ المسائل الرياضية التي تطلبها وجودي في القسم العلمي فكان الرسم متنفسي وكان ذهني منشغلا بسؤال ماذا لو لم أكن أرسم؟
أيّقنت أن الموهبة هدية من الله وجبَ الحفاظ عليها وتطويرها، وهذا ما فعلته لأصل إلى هذه المرحلة المتطورة في الرسم بالمداومة وبتكريس الوقت والجهد والتجربة المستمرة وأرى أنّ هذا أساس اتقان كل شيء في الحياة فالإنسان لا يولد فناناً ولا متحدثاً جيداً ولا مبرمجاً محترفاً دون أن يتعب ويسعى ويسهر الليالي الطويلة لأجل تحقيق ما يحب.
بالتجربة استطعت الوصول لإتقان ما أريد فقد جربت معظم الفنون ووجدت نفسي أُفضِل البورتريه والسكتش بأسلوبي الخاص؛ لأنني الآن وبعد كل هذه التجارب أصبح لدي أسلوبي الخاص بالرسم وطريقتي في إمساك القلم والريشة والتي أعدها كالبصمة تميز فنان عن آخر، فأنتجت أكثر من 50 لوحة أكريليك و12 عمل خاصيّن بي.
وفيما يتعلق بالفنانين أميل لطريقة الفنان "فان جوغ" بالرسم فهو الأقرب لقلبي ولشخصيتي وأشعر تجاه لوحاته بالحب والدفء خاصّة أن لها معانٍ عميقة فهو لم يكن يفكر أبداً باتجاه مادي بقدر ما كان يحاول إيصال رسالة، وهذا ما أقوله دائماً عن نفسي أنني لا أستطيع رسم ما يطلبه الناس بقدر ما أُبدع في رسم ما تُمليه علي نفسي وتفكيري.
طموحي مُتوجه نحو الفن وخاصة3d والرسم الالكتروني ولديّ توجه لرسم الكوميكس أي القصص المصورة، خاصّة أنّي أقرأها منذ طفولتي باللغة الكورية واليابانية، واليوم وأنا في عامي الأول من الدراسة الجامعية تخصص برمجة وذكاء اصطناعي أفكر كثيراً بالعمل على هذا كله لأنتج شيء يشبهني مزيجًا ما بين تخصصي وموهبتي.