القانون الفلسطيني لا يحمي العاملات عن بُعد عبر الإنترنت

القانون الفلسطيني لا يحمي العاملات عن بُعد عبر الإنترنت

شهد العمل عبر الإنترنت ظهورًا واضحًا في قطاع غزة في الآونة الأخيرة وبخاصة لدى الخريجين (عددهم أكثر من 12 ألفاً وفقاً لآخر احصاءات) الذين لم يظفروا بفرص عمل.

وبفعل سطوة الحصار المفروض للعام الخامس عشر على التوالي، تراجعت فرص العمل في القطاع، الأمر الذي فاقم من أزمة البطالة، الأمر الذي ساعد في تنامي فرص العمل عن بعد عبر الانترنت.

وأصبح المئات من الشباب- لا تتوفر أرقام دقيقة عن أعدادهم- يمارسون أعمالهم عبر شاشة الحاسوب لساعات تتراوح بين (8-12 ساعة) يومياً، مقابل أجور مالية مرضية نسبياً.

منى عليان (40 عامًا) سيدة من قطاع غزة تخرجت عام 2015 من كلية الهندسة بجامعة فلسطين، وأمضت أكثر من ثلاث سنوات بحثاً عن فرصة عمل ولكن دون جدوى، ويرجع ذلك إلى تضخم نسبة البطالة في القطاع المُحاصر. وقد بلغ عدد العاطلين عن العمل، حتى الربع الأول من العام الحالي، 368 ألفًا، وفقاً لمركز الإحصاء الفلسطيني.

لم تستسلم عليان التي تمتلك مهارة الرسم إلى اليأس، حيث قامت بتطوير موهبتها من خلال التدريب، ولجأت للعمل في هذا المجال عبر الإنترنت؛ كي لا تصبح شهادة الهندسة مجرد ورقة معلقة على جدار غرفتها.   

رغم ضعف خدمة الإنترنت وانقطاع التيار الكهربائي لأكثر من ثمان ساعات يومياً، توظب "عليان" على العمل لثمانٍ ساعات عبر الإنترنت، ومع ذلك لم تحصل على أجرها بشكل كامل.

تقوم عليان بالتعاقد مع شركات خارج أسوار الوطن، على إنتاج أعمال فنية مختلفة، كالفيديو (الموشن الجرافيك) أو اللوحات أو الرسوم الكرتونية، وتحصل على مقابل مادي.

اشتكت السيدة من امتناع بعض العملاء عن دفع قيمة المخرجات الفنية التي نفذتها، وتهربوا من عملية الدفع التي تحصل غالبا عبر خدمة الحوالات المالية السريعة.

لم تكن عليان الوحيدة التي وقعت في فخ الاستغلال الذي يتعرض له عاملات عبر الإنترنت، آلاء كمال التي تخرجت مُنذ حُقبة من الزمن تخصص إدارة صحية من جامعة القدس المفتوحة.

لم تتاح إلى آلاء فرصة العمل بموجب شهادتها الجامعية، لذلك اضطرت لتعلم الرُسوم الإلكترونية، واللوحات الفنية التي تعالج القضايا مجتمعية، وذلك عبر دورات عقدت عبر الإنترنت، وأخرى بتنفيذ مؤسسات خاصة.

ويعتمد جزء كبير من العاملين عن بعد على استقطاب العملاء عبر منصات رسمية متخصصة بالعمل عبر الانترنت، كـ(مستقل - الخمسات- إدراك … إلخ)، والتي غالبًا ما تقوم فيها العلاقة بين العامل والزبون على اتفاق محدد المدة والأجر تحت إشراف تلك المنصات التي تستقطع جزء من الأجر. "ألاء" حاولت الابتعاد عن منصات العمل الرسمية واتجهت للتواصل مع العملاء مباشرة تجنباً لدفع قيمة الاستقطاع، الأمر الذي لم يضمن لها حقها في الحصول على أتعاب.

تقول في حديثها مع أخر قصة: "بعد حصول الشخص الذي طلب مني العمل وهو يقيم في إحدى الدول العربية، تهرب من دفع قيمة الاتعاب وقام بحظري على مواقع التواصل الاجتماعي كافة، ولم يكن أمامي فرصة لملاحقته قانوناً".

لم تعلم "آلاء" كيف تتصرف في هذه الحالة، رغم طرقها أبواب الكثير من الأشخاص الذين يملكون خبرة في العمل عبر "الأون لاين"، ولكن دون جدوى. مرجعةً الأمر إلى عدم وجود رادع قانوني واضح يحمي العاملات عبر الإنترنت.

ويحمي قانون العمل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2000، إلى حد كبير حقوق العمال، واناط بوزارة العمل مهمة تنفيذه والإشراف عليه، غير أن هذا القانون لم يأتِ على ذكر أي من العمل عن بعد والذي يعتبر شكلاً من أشكال الحداثة.

وزارة العمل ذاتها، نفت أن يكون لدها دوراً في حفظ حقوق العاملات عن بعد، مرجعة ذلك إلى المحددات التي فرضها الإطار القانوني الناظم لعمل الوزارة.

في الغضون، أوضح الحقوقي في الهيئة المستقلة مصطفى إبراهيم، أن البيئة القانونية ليست مُهيئة لضمان حقوق وحماية العاملين عبر الإنترنت وتحديدًا فئة الفتيات، في ظل وجود فُوج من الأزمات التي تعاني منها غزة حاليًا.

ويتفق مدير الدائرة القانونية للمجلس التشريعي أمجد الأغا، مع سابقه في التأكيد، على أنه لا يوجد إطار قانوني يحمي العاملات في الفضاء الإلكتروني.

وقال الأغا: "من الضروري إعادة تنظيم التشريعات القانونية الخاصة بالعمل، فهي لا تشمل كل البنود التي تهيئ للعامل ظروف مناسبة لعمله، ومن الواجب إضافة بعض البنود التي تعمل على حماية حقوق العاملين".