ترهل أسطول مركبات الأجرة في غزة لم تعالجه حركة الاستيراد والبيع

لا قانون لإعدام السيارات المتهالكة

ترهل أسطول مركبات الأجرة في غزة لم تعالجه حركة الاستيراد والبيع

بالقرب من سيارته المرسيدس الصفراء المتهالكة ينتظر السائق سعود حمدي (28 عاماً) الراكب الأخير حتى ينطلق في رحلته القصيرة والممتدة من ميدان فلسطين وسط مدينة غزة إلى حي الزيتون جنوب المدينة (3-4 كيلو متر تقريبا)، يسلكها بعيداً عن أعين رجال شرطة المرور.

السيارة التي يقودها حمدي تكبره بـ15 عاماً على الأقل، ولا يملك القدرة على استبدالها بواحدة حديثة، في ظل تردي وضعه الاقتصادي، فضلاً عن أنها غير حاصلة على ترخيص. 

لم يجد الشاب فرصة عمل في تخصص التعليم الأساسي الذي تخرج منه قبل 6 سنوات ولجأ للعمل في مجالات عديدة حتى انتهى به الأمر للعمل على تلك السيارة، ليحرر نفسه من صفوف البطالة التي بلغت نسبتها 47٪ في قطاع غزة.

وبعيداً عن أزمة البطالة التي عززها الحصار الإسرائيلي المفروض للعام الـ15 على التوالي، فإن الركاب في قطاع غزة، لا يجدون مفراً من ركوب سيارات الأجرة المتهالكة، أو كما يقولون فهي نصيب المضطرين ممن لا يملكون رفاهية الانتظار.

ويستورد القطاع ما يزيد عن أربعة آلاف سيارة سنوياً وفق نقابة مستوردي المركبات، لكن ذلك لم يقض على تجارة السيارات المتهالكة، إذ تحتل السيارات التي تجاوز عمرها (20-30) عاماً، حيزاً كبيراً في الشوارع والطرقات، ويعود التمسك بهذه السيارات إلى أمر أساسي متعلق بتدني مستوى دخل الأفراد، والعجز وعدم القدرة على امتلاك سيارات حديثة، وفق إفادة مُلاكها.

وبموجب متابعة حثيثة لعروض السيارات القديمة عبر الأسواق الإلكترونية على فيسبوك، تبين أن بورصة الأسعار تبدأ من (3-8 آلاف دولار)، لموديلات (1990-2002). فيما تزيد الأسعار وفقاً لحداثة الموديل والطراز.

سيارة مثلاً من طراز (سوبارو) موديل 1990 يتراوح سعرها من (3500-6000$)، في حين أن مثل هذه الموديلات انقرضت في مناطق أخرى من العالم.

ولا يزال وجود السيارات المتهالكة يثير شكوى الكثير من المواطنين، علماً أنه لا يوجد في القانون الفلسطيني ما يجيز إتلاف المركبات إذا تقادمت واندثرت موديلاتها.   

ويقول الستيني أبو محمود، إنه في كثير من الأحيان يتعرض لمواقف محرجة ومؤذية في آن واحد، نتيجة ركوبه لسيارات أجرة متهالكة، مبيناً أن لباسه الأبيض تعرض في عديد من المرات للأوساخ والبقع الداكنة نتيجة اختلاط المقاعد بالزيتون والشحوم.

وأضاف أبو محمود والاستيلاء بادياً على ملامحه "أحيانا تفقد القدرة على النزول من السيارة لعدم وجود مقبض مما يعرضك للحرج أمام الركاب، متسائلا: هل من الجائز قانوناً أن تعمل مثل هذه السيارات دون أوراق رسمية على الطرقات؟.     

وطبقا للمادة (11) من قانـــــون المــــــرور رقم (5) لسنة 2000، فإنه لا يجوز تسجيل أو تجديد ترخيص عدد من المركبات في مقدمتها المركبات الهالكة، وعليه قدمنا سؤالا لوزارة النقل والمواصلات، عما هو مقصود بالمتهالكة؟  

ووفقاً لما قاله أنيس عرفات المتحدث باسم وزارة النقل والمواصلات، فإن تهالك السيارة يختلف وفقاً لفئتها، فالمركبة العمومية مثلاً تعتبر متهالكة إذا زاد عمرها عن ثماني عشرة سنة من صنعها، أما المركبة الخصوصية المخصصة لتعليم القيادة، فتعتبر هالكة بعد مرور خمس عشرة سنة من سنة صنعها، بينما مركبات التخليص والحافلات والمركبات التجارية المخصصة لتعليم القيادة إذا زاد عمرها على عشرين سنة من سنة صنعها.

وأشار عرفات إلى قرار الوزارة حول إلزامية مرور جميع السيارات على مراكز الفحص المخصصة (الدينموميترات) والمرخصة من وزارة النقل والمواصلات، والتي تتأكد من صلاحية سير السيارات واستيفائها لكافة شروط الأمن والسلامة والمتانة.

وبين أنه وفقاً للمادة (3) من قانون المرور رقم 5 لسنة 2000، فإنه ينص على أن تكون المركبة مطابقة للمواصفات والمقاييس الفلسطينية، وأن تكون مستوفاة لشروط الأمن والمتانة، وأن يتم تسجيلها لدى سلطة الترخيص، وأن يخصص لها رقم، إضافة إلى أن تكون المركبة مستوفية لشروط الفحص الفني الذي تحدده سلطة الترخيص، وأن تكون مؤمنة طبقاً لما هو وارد في هذا القانون، وأن يتم سداد رسوم التسجيل والفحص والترخيص المقررة بموجب هذا القانون.

وبحسب عرفات فإن عدد المركبات المرخصة لدى وزارة النقل والمواصلات يزيد عن 70 ألف سيارة ولا يوجد إحصاءات لعدد السيارات المتهالكة ولا قانون مخصص لإهلاكها طالما تم التأكد من سريان ترخيصها وفحص صلاحيتها، ولكن إعدام السيارة قد يكون من خلال أصحابها حيث يضطرون لبيعها في محلات قطع الغيار عند وصولها إلى حالة اليأس.   

ويضيف "نحاول جاهدين لشطب أي سيارة متهالكة من برامج التراخيص، وقدمنا مقترحاً تم الموافقة عليه حول دعم الغزيين على استبدال سياراتهم المتهالكة بأخرى حديثة بطريقة سهلة لا تثقل عليه ومحاولة البحث عن اتفاقات مع الجانب المصري لاستيراد السيارات الحديثة من خلاله ولكن من الصعب جداً تطبيقها حالياً لحاجتها إلى تمويل كبير".

 واعتبر أن المنع التام لدخول سيارات الأجرة لغزة منذ 16 عاماً بسبب ما أسماه "التضييقيات"، "وهو ما أدى إلى ترهل أسطول سيارات الأجرة ووصولها إلى هذا الحد" كما قال.  

وهذا ما أكده إسماعيل النخالة رئيس نقابة مستوردي المركبات في غزة، بقوله إن غزة تعاني من عدم تجديد سيارات الأجرة وذلك لمنع دخولها منذ أحداث الانقسام الفلسطيني عام 2007 حيث يتم استيراد ما يقارب 420 سيارة ملاكي شهرياً وقد ينخفض قليلاً بسبب الظروف الاقتصادية.

وأكد النخالة، على أن محاولاتهم لا تتوقف من أجل حل مشكلة استيراد سيارات الأجرة بشكل دوري خلال اجتماعاتهم مع وزارة النقل في رام الله.  وبحسب تقييمه للوضع العام يقول النخالة: "عدد السيارات المتهالكة لم تعد كما السابق وتتركز فقط في أطراف المدينة حيث تغيب عن أعين الشرطة".