فقط بهذه الأصوات الشجية المتناغمة التي تصدح بأغاني فلسطينية تراثية يرافقها لحن موزون تصدره آلتي العود والبيانو دخل بيت أثري قديم يدعى بـ"بيت السقا"، يمكن أن تفصل نفسك عن ضجيج سوق الشجاعية الواقع شرق مدينة غزة، وتأخذها إلى ما قبل سبعين 70 عاماً على الأقل.
في محاولة مستمرة لإحياء التراث الفلسطيني والأغنية الفلسطينية تجتمع فرقة فنية مكونة من ثمان فتيات، أطلقت على نفسها (مشاعل الفن)، بشكل مستمر في أماكن مختلفة من قطاع غزة لغناء مقطوعات تراثية قديمة، كـ"جفرا" و "زريف الطول" و "وين ع رام الله" وقائمة تطول.
بثوبها الفلسطيني المطرز باللون الأحمر تجلس حنين الصعيدي (30 عاماً) وسط الفرقة وتبدع في أداء الأغنية وتعبر أن هذه المجموعة الصاعدة أتاحت لها ولمن معها فرصةً لتنمية مواهبهن الغنائية.
وتتمسك الفرقة بالأغاني الفلسطينية القديمة تحديداً للحفاظ عليها من النسيان مع مرور الزمن واختلاف اهتمامات الأجيال الصاعدة، فيحاولون معاً إعادة ترديدها على المسامع، لإحيائها وتجديدها.
وتحرص الفتيات في الفرقة على ارتداء الأثواب التراثية، لإيصال رسالة بأهمية حفاظ الأجيال القادمة على التراث القديم وكذلك يحاولون إحياء حفلاتهم في أماكن أثرية وتراثية لإبقائها حية في ذاكرة الشباب الفلسطيني.
وترى الصعيدي أن المجتمع الغزي يحترم الفن، لكن لا يوجد إمكانات مادية لاحتضانه وتنميته في القطاع المحاصر منذ ما يزيد عن 15 عاماً، لأسباب مختلفة لم تفصح عنها، ولكنها تقول إن هذا الواقع هو ما يقلص مساحة الفن، وأحيانا تكون منعدمة، حسب تعبيرها.
وعلى ألحان أغنية "لكتب اسمك يا بلادي" غنت الفتيات بشكل متناسق مع اللحن الموزون، وهي واحدة من الأغاني التي يرددونها في التجمعات والمناسبات ويطمحون جميعهم أن تصل أصواتهم إلى العالم الخارجي لتعريفهم بالأغاني القديمة بحناجر شبابية.
في السياق ذاته، يقول مدير فرقة مشاعل الفن، حيدر العف، أن فريقه هو الأول من نوعه في قطاع غزة، حيث يركز على الفتيات فقط، وهن متخصصات في الغناء التراثي والفلكلور الفلسطيني.
وتطرق إلى أبرز اهتمامات الفرقة الفنية، في الأناشيد والأغاني الوطنية والشعبية الفلسطينية، إلى جانب احتواء أصحاب المواهب في التمثيل وكتابة الشعر والدبكة والرسم.
ولفت العف إلى أن الفرقة تُشارك في المهرجانات الوطنية والفعاليات المختلفة، إلى جانب انتاجهم لعدد من الأعمال الفنية، ونوه إلى أن الإقبال كبير من الفتيات للانضمام إلى فرقة "مشاعل الفن"، إلى جانب دعم المجتمع لهذه المواهب وتشجيعهم على الاستمرار، للحفاظ على التراث الفلسطيني.
ووفقاً للعف، فقد تكون الفريق منذ عام 2016، ويضم أعداد مختلفة من الفتيات في عدد من مجالات الفنية، بأعمار متفاوتة.
جدير بالذكر أن عدد قليل جدا من الفتيات اقتحمن عالم الغناء في قطاع غزة المعروف بمغالاته في العادات والتقاليد. وقد يعتبر تشكيل هذا الفريق شكل من أشكال التحدي.