أين ذوي الإعاقة من التطعيم ضد الفيروس؟

أين ذوي الإعاقة من التطعيم ضد الفيروس؟

يستلقي عرفات عبد الدايم على سريره، يطالع سقف غرفته منعزلًا عن أسرته خوفًا من الإصابة بفايروس كورونا الذي قد يقلب حياته رأسًا على عقب، حاله كحال الكثيرين من الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يعانون من شلل تام يفقدهم الحركة والمناعة اللازمة لمقاومة المرض في ظل عدم ثقتهم بتلقي اللقاح نتيجة الأعراض الجانبية التي قد تنتج عنه.

"إصابتي حتكلفني حياتي" ببضع كلمات مختصرة وضح عبد الدايم عواقب إصابته بالفايروس أو تلقيه التطعيم، خاصة أن الأدوية التي يتناولها باستمرار تجعل مناعته "معدومة" على حد وصفه فلا يستطيع مقاومة انفلونزا الشتاء العادية فكيف إذا تعلق الأمر بكورونا التي إن نجا من المرحلة الأولى فربما لا يستطيع أن يتغلب على الثانية أو الثالثة.

ويكمل عبد الدايم أن لا أحد من وزارة الصحة مهتم بحالته وبالأخرين من ذوي الإعاقة، نافياً أن يكون أحد من الوزارة قد تواصل معه لمعرفة إذا كان قد حصل على التطعيم أم لا، أو على الأقل محاولة القضاء على الهاجس النفسي الذي يراوده منذ بدء المواطنين بتلقي اللقاح.

ولم تكن آيات ستوم أحسن من سابقها حالًا فيروي والدها الذي تولى الحديث في البداية أنها معتزلة جميع أفراد عائلتها خوفًا من إصابتها بالفايروس فلا ترى الناس ولا تتواصل معهم، لافتاً إلى أن إصابتها بالتصلب الدماغي تفرض عليها تناول أدوية باستمرار تجعل مناعتها معدومة، وهذا ما يبقي العائلة بأكملها في حالة تأهب خوفًا من دخول الفايروس للمنزل حتى يومنا هذا كي لا يفقدوا ابنتهم. وعند حديثنا مع آيات أوضحت أنها تخشى تلقي اللقاح خوفًا من أعراضه الجانبية خاصة أن اللقاح هو الفايروس نفسه الذي يتم حقنه بالجسم كي يكتسب مناعة وتلك الفكرة هي رعب بحد ذاتها بالنسبة لها، مشيرة إلى أنها لم يسبق أن سمعت عن تعاطي حالات مماثلة مع التطعيم وتجاوزت أعراضه.

غير أنها عادت وأكدت أن الأمر بحاجة إلى الحصول على تطمينات من وزارة الصحة، تؤكد من خلالها أو تنفي تأثير اللقاح على الأشخاص ذوي الإعاقة، وجهوزيتها للتعامل الفوري معهم في حال حدوث طارئ.

في الأثناء، قال صهيب أبو سيف منسق لجنة الرقابة للأمانة العامة في الاتحادت الفلسطيني العام للأشخاص ذوي الإعاقة، إنه لا يوجد اهتمام من قبل وزارة الصحة حتى اليوم للبدء بحملة خاصة تستهدف ذوي الإعاقة، مشددًا على أنهم الفئة الأكثر عرضة للإصابة بين فئات المجتمع لذلك قد سعت المؤسسات بشكل فردي لعمل حملات توعوية توصي بأهمية التطعيم.

وليس العامل النفسي العقبة الوحيدة التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة بحسب أبو سيف فعدم تهيئة الأماكن والمراكز الطبية التي يتوافر بها اللقاح التابعة لوزارة الصحة الفلسطينية لتسهيل وصولهم لها هي مشكلة أخرى لمستخدمي الكراسي المتحركة، ولغة الاشارة لذوي الاعاقة السمعية، مبيناً أنه كان على وزارة الصحة أن توائم أماكن تلقي التطعيم.

يروي أبو سيف أنه صادف وهو يتصفح مواقع التواصل الاجتماعي إعلاناً عن تطعيم الأنفلونزا الموسمية لكن الغريب في الأمر، على حد قوله إن الإعلان خصص الفئات التي ستتلقاه كالأطباء وكبار السن ولم يذكر الأشخاص ذوي الإعاقة بالرغم من حاجتهم له، إضافة إلى أن العلاج والتطعيمات بشكل عام حق أساسي لذوي الإعاقة مذكور ببنود واضحة في القانون الفلسطيني وشاملة لجميع المستلزمات الصحية الخاصة بهم.

ووفقًا لتقديرات الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني، فإن عدد الأشخاص من ذوي وذوات الإعاقة في قطاع غزة، تجاوز 48 ألف نسمة، أي ما نسبته "2.4%" من سكان القطاع البالغ عددهم 2 مليون نسمة تقريبًا.

وينص القانون الفلسطيني رقم (4) لسنة 1999 بشأن حقوق المعوقين، في المادة الثانية أن: "للمعوق حق التمتع بالحياة الحرة والعيش الكريم والخدمات المختلفة شأنه شأن غيره من المواطنين له نفس الحقوق وعليه واجبات في حدود ما تسمح به قدراته وإمكاناته، ولا يجوز أن تكون الإعاقة سببًا يحول دون تمكن المعوق من الحصول على تلك الحقوق".

في ضوء ذلك، قمنا بالتوجه لوزارة الصحة الفلسطينية للتعرف على سبب عدم وجود خطة لتلقي الأشخاص ذوي الإعاقة للقاح المضاد لفيروس كورونا، غير أن الدكتور مجدي ضهير، نائب مدير عام الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة، قال إن وزارته تتابع حملة شاملة للتطعيم خاصة بكبار السن وذوي الإعاقة للتأكد من تلقي أكبر عدد ممكن التطعيم.

وأضاف ظهير أنه يجرى التواصل أيضًا مع المؤسسات الخاصة بتقديم الخدمات لذوي الإعاقة للحصول على بياناتهم ومحاولة الوصول إليهم، لافتًا إلى أن وزارته لا تستطيع اجبار أي شخص على تلقي اللقاح بما فيهم ذوي الإعاقة، "فإذا ما تم التواصل مع أشخاص لإقناعهم بالتطعيم لكن لم يقبلوا ينتهي الأمر".

وأوضح أنه تم إجراء العديد من الزيارات الميدانية والتثقيفية لبيوت الأشخاص ذوي الإعاقة وفق البيانات التي توافرت لدى وزارة الصحة مؤخرًا، فيما لم تستطع الوزارة الوصول لبعض الأفراد الذين لا تتوفر بياناتهم ضمن المؤسسات المقدمة للخدمات لهم.

وطالب ضهير المؤسسات المقدمة للخدمات الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة التواصل مع وزارة الصحة لدراسة الحالات والتنسيق لزيارتها ميدانيًا والعمل على تطعيمهم، داعياً في الوقت نفسه الأشخاص الذين يكفلون ذوي الإعاقة أيضًا إلى تبليغ الوزارة حتى يتسنى لها اتخاذ الإجراءات المناسبة ومحاولة اقناعهم بأهمية التطعيم و تلقيه.

لمطالعة المزيد من التقارير التي تهتم بالتركيز على حقوق ذوي الإعاقة في الحصول الخدمات المقدمة من  الهيئات المحلية، عبر الرابط التالي:

https://drive.google.com/file/d/1JLolWgZJjm73rFP4HRMuhQIPLEaFP58_/view