يشتكي الأطفال في الأراضي الفلسطينية عامةً وقطاع غزة خاصة، من الظروف الصعبة والتحديات الكبيرة الناتجة عن التدهور البيئي الحاصل فيما يتعلق بشح وملوحة المياه وصعوبة وصولها وتحديات بيئة أخرى. وهو أمر يتقاطع مع ما يشير إليه خبراء ومختصون في المجال البيئي إلى أن تغيرات المناخ على الإنسان تتجلى بوضوح على النساء والأطفال أكثر من غيرهم، وأنهم من أكثر الفئات تأثرًا بتلك الظواهر.
ويعد نقص وصول المياه النظيفة، واحدًا من التحديات التي يواجهها الأطفال في غزة، وفق ما أشارت إليه منظمة العفو الدولية بشأن التحديات الناجمة عن تغير المناخ والضرر البيئي على أطفال القطاع، مبينة أن هناك أيضا تدهور تشهده البيئة المحيطة بالمدارس والمنازل، وزيادة انتشار الأمراض المرتبطة به.
إضافة إلى ذلك، أظهرت بيانات المسح الفلسطيني العنقودي متعدد المؤشرات في عام 2020-2019م، انتشار سوء التغذية بين الأطفال دون الخمس سنوات، ما بين مَن يعانون من الهزال، وغيرهم مِن نقص الوزن، وآخرين من قصر القامة.
وتطال التغيرات المناخية الحاصلة التي تتسبب في نقص الموارد المتاحة وانعدام الأمن الغذائي، حقوق أطفال القطاع، خاصة الحق المنصوص عليه قانوناً في التمتع بأعلى مستوى صحيًا مستطاعًا، وتكفل الدول توافر الرعاية الصحية لجميع الأطفال، مع التركيز على التدابير الوقائية والتعليم الصحي وخفض وفيات الرضع".
على إثر ذلك، توجهت لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة بتوصيات للدول والمنظمات الدولية لمعالجة هذه المشكلة المُلّحة. ومن بين هذه التوصيات توفير بيئة نظيفة وصحية ومستدامة للأطفال، وضمان حقهم في الحياة والنمو الصحي، وتعزيز التعليم وتحقيق مستوى معيشي لائق.
تعكس تصريحات مستشارة شؤون المناخ في منظمة العفو الدولية، آن هاريسون، التزام المنظمة بالدفاع عن حقوق الأطفال في قطاع غزة. تشير هاريسون إلى أهمية أن يتحمل الدول ذات الدخل المرتفع مسؤوليتها المالية وتعزيز التعاون العالمي للتصدي لتغير المناخ والتدهور البيئي.
من خلال التوجيه الجديد للجنة الأمم المتحدة، يتعين على الدول أن تعمل بجدية لمعالجة تأثيرات تغير المناخ والتدهور البيئي على الأطفال في غزة. يجب أن تتخذ الدول إجراءات لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة وتعزيز الاستدامة البيئية، بالإضافة إلى تقديم المساعدات اللازمة للأطفال والعائلات المتضررة.
على صعيد آخر، يشير الخبراء إلى أن التغير المناخي والتدهور البيئي قد يزيد من احتمالات حدوث النزاعات والصراعات في المناطق المتأثرة. يعزز الفقر وعدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية ضعف المجتمعات ويؤثر على استقرارها، وهو ما يفسر بشكلٍ أو بآخر ارتفاع معدل الفقر في قطاع غزة وانعدام الأمن الغذائي، مما يعني أن تغير المناخ وتدهور البيئة يشكلان تهديدًا للأمن والاستقرار في المنطقة.
من المهم أن تتعاون المجتمعات الدولية والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص لمواجهة هذه التحديات. يجب تعزيز التمويل والتكنولوجيا لدعم حلول مستدامة وتكييف البنية التحتية في المناطق المتضررة. كما يجب توفير التعليم والتدريب للأطفال والشباب في مجال حماية البيئة وتغير المناخ، لتمكينهم من المشاركة في صنع القرار وبناء مستقبل أفضل.
ويقترح الخبراء مجموعة من الحلول للتصدي لتغير المناخ والتدهور البيئي في قطاع غزة. فيما يلي بعض الإجراءات والسياسات التي يمكن اتخاذها:
تعزيز الوعي والتثقيف:
يجب تعزيز الوعي بتأثيرات تغير المناخ والتدهور البيئي وتثقيف الناس حول السلوكيات المستدامة وكيفية الحد من الانبعاثات الضارة. يمكن تحقيق ذلك من خلال حملات توعية وبرامج تعليمية في المدارس ووسائل الإعلام.
تعزيز الطاقة المتجددة:
يُفضل تشجيع استخدام الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح والطاقة الحرارية للحد من اعتماد القطاع على الوقود الأحفوري. يمكن تقديم الدعم والتشجيع المالي لتركيب واستخدام تلك التقنيات النظيفة.
إدارة المياه:
من المهم تحسين إدارة المياه في قطاع غزة وتعزيز الاستدامة المائية. يمكن ذلك من خلال تطوير نظم جمع المياه وتحلية المياه المالحة وتحسين طرق الري الفعالة للحد من انتشار الجفاف ونقص المياه.
إدارة النفايات:
يُنصح بتحسين إدارة النفايات في القطاع وتعزيز إعادة التدوير والتحويل البيولوجي للنفايات. يمكن تنفيذ برامج لفصل النفايات وتوفير أنظمة مستدامة للتخلص من النفايات بطرق آمنة وصحية.
الحدّ من التلوث:
يجب اتخاذ إجراءات للحد من التلوث البيئي والهواء وتلوث المياه وتلوث التربة. يمكن تشجيع استخدام التقنيات النظيفة والمستدامة في الصناعة والزراعة والنقل للحد من الانبعاثات الضارة.
دعم الزراعة المستدامة:
يجب تعزيز الممارسات الزراعية المستدامة والتحول إلى زراعة عضوية واستدامة الموارد الطبيعية. يمكن توفير التدريب والدعم المالي للمزارعين لاعتماد تقنيات زراعية مستدامة وتحسين إدارة الموارد الطبيعية.
التكيف مع التغير المناخي:
هناك ضرورة لتعزيز قدرة المجتمعات في قطاع غزة على التكيف مع التغير المناخي. يمكن ذلك من خلال تطوير استراتيجيات وخطط للتكيف مع الظروف المناخية المتغيرة وتوفير البنية التحتية المناخية الملائمة.
التعاون الدولي:
يجب تعزيز التعاون الدولي والشراكات مع المنظمات الدولية والبلدان الأخرى لمواجهة تغير المناخ والتدهور البيئي في قطاع غزة. يمكن تبادل المعرفة والخبرات وتلقي الدعم التقني والمالي لتنفيذ حلول مستدامة.
من خلال اتباع الحلول المقترحة يمكننا التصدي لتغيرات المناخ والتدهور البيئي للعمل على تحقيق التنمية المستدامة وحماية حقوق الأطفال في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في قطاع غزة. ومن المهم أن تنفيذها بشكل متكامل وشامل من قبل الحكومة والمؤسسات المعنية والمجتمع المحلي.
الأطفال وتغير المناخ