آثار سلبية هائلة لاستخدام الأطفال الهاتف بإفراط

آثار سلبية هائلة لاستخدام الأطفال الهاتف بإفراط

في عصرنا الحالي، لا يمكننا إنكار الدور الهائل الذي تلعبه التكنولوجيا والهواتف المحمولة في حياتنا اليومية. تعد هذه الوسائل من أبرز وسائل التواصل والترفيه التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياة الأسرة. ومع ذلك، فإن استخدامها المفرط وغير المسؤول يمكن أن يؤثر سلبًا على حياة أطفالنا وصحتهم النفسية والاجتماعية.

يقول أستاذ الصحة النفسية والتربوية هشام غراب إنّ للتكنولوجيا والاستخدام المفرط للهواتف المحمولة تأثير مباشر على حياة أطفالنا اليومية، وذلك في مختلف النواحي، سواء الحياة الاجتماعية، أو الصحة النفسية أو الدراسة والتعليم، وغيرها.

 

تأثير الاستخدام المفرط للتكنولوجيا على الحياة الاجتماعية:


يعتبر الاستخدام المفرط للهواتف المحمولة ووسائل التواصل الاجتماعي من النقاط السلبية التي يمكن أن تؤثر على الحياة الاجتماعية للأطفال. يقضي الأطفال أوقاتًا طويلة على الإنترنت ووسائط التواصل المختلفة، مما يجعلهم يعانون من العزلة الاجتماعية وصعوبة في إقامة العلاقات الاجتماعية الحقيقية. قد يعاني الأطفال أيضًا من مشكلات في التواصل مع أفراد الأسرة والأقارب والجيران وغيرهم، مما يؤثر على الروابط الاجتماعية والعائلية.

تأثير الاستخدام المفرط على الصحة النفسية:


يمكن أن يؤدي الاستخدام غير المسؤول إلى عواقب نفسية تؤثر سلبًا على الصحة النفسية للأطفال. منها قضاء فترات طويلة منفردًا أمام الشاشات الذي يولّد شعور بالعزلة وعدم القدرة على إقامة العلاقات الاجتماعية. قد تنشأ مشاكل نفسية واجتماعية بين أفراد الأسرة وبين الأطفال والمعلمين في المدرسة. قد يعاني الأطفال من الاكتئاب والقلق، وقد يعانون أيضًا من مشاكل في التركيز والأداء الدراسي بسبب تشتت الانتباه الناجم عن الاستخدام المفرط للتكنولوجيا.

ويشير غراب إلى أن هناك الكثير من الحالات النفسية كالاكتئاب مثلا، تنتج عن قضاء الإنسان فترات طويلة منفردًا يحاكي نفسه ويحاكي الأجهزة الالكترونية دون عملية اختلاط اجتماعي حقيقي وواقعي.

إضافة إلى ذلك، يؤدي استخدام الأبناء غير المسؤول للأجهزة الالكترونية، إلى العيش في أحلام اليقظة، فنجد الطفل يعيش يعيش في عالم غير عالمه ويشاهد أمور لا تتناسب مع مستواه العمري أو الاقتصادي أو الاجتماعي. وهنا يبدأ يحلم لفترات وساعات طويلة أن يكون في هذه المواضع سواء كانت المادية أو اللوجستية أو المتعلقة بالبيئة التحتية أو حتى البيئة التعليمية في العالم الآخر. 

لذلك تتسبب هذه الأمور بانفصال الفرد عن الواقع لمشاهدته واقع افتراضي عبر الانترنت وعيشه في ذات اللحظة واقع مختلف تمامًا؛ مما يؤدي إلى الشعور بالإحباط والتوتر والقلق والخوف من المستقبل.

كما تنتج لديه المقارنات التي تؤثر على نفسيته وإدراكه وعدم تقبله للعائلة التي يعيش فيها. يقول غراب، "يقارن علاقاته الأسرية بعلاقات الناس التي يشاهدها على الهاتف المحمول ويصبح ساخط على العلاقات الاجتماعية، ساخط على الأب والأم، على المعلم في المدرسة أيضًا، وقد يصبح غير راضٍ عن العلاقات الاجتماعية أو الواقع الاقتصادي المعيشي الذي يعيشه؛ لذلك نجد هناك رفض اجتماعي في عدم تقبل المجتمع".

وينبه غراب إلى أنه ربما في ظلّ اللحظة الراهنة لا يلمس الأهل تأثير استخدام الأجهزة الالكترونية على أطفالهم، لكنه يؤكد أن التأثير يأتي بعد سنوات سلوكيًا ونفسيًا في حياتهم اليومية ومستقبلهم.

تأثير الاستخدام المفرط على التعليم:


يؤثر استخدام الهواتف المحمولة بكثرة دون ضوابط على الجوانب التعليمية أيضًا. يواجه الأطفال الذين يقضون وقتًا طويلًا على وسائل التواصل والإنترنت صعوبة في متابعة دروسهم وتنظيم أوقاتهم وعلاقاتهم داخل وخارج الأسرة. قد يؤثر هذا على تقدمهم الأكاديمي وأدائهم في المدرسة. بالإضافة إلى ذلك، قد تنشأ مشكلات صحية ناتجة عن تأثير الأجهزة التكنولوجية على الجسم، مثل مشاكل في النظر وتوتر العضلات بسبب استخدام الهاتف لفترات طويلة.

ويوضح غراب أن الانترنت عالم مفتوح على كل المواقع سواء كانت إيجابية أو سلبية، ومنها ما يبث معلومات وصور وفيديوهات هابطة ومخيفة لا تتناسب مع أهدافنا وتقاليدنا وأخلاقنا وديننا؛ لذلك ستجد الأسرة التي لا تراقب المواقع التي يستطيع طفلها الوصول إليها وتتركه دون ضوابط أسرية بالتأكيد ستقع أعين الطفل وإدراكه على أشياء لا تتناسب مع قدراته وعمره مما يتسبب له بمشكلات وصدمات نفسية لا يقدر على تحملها.

ما هي الضوابط التي يفترض على الأهل القيام بها؟، يجيب: "الأم والأب هما مصدر الرعاية الرئيسية للأطفال وعليهم أن يكونوا مصدر القدوة الحسنة، لذلك عليهم أن ينظموا حياتهم فيقوموا بتحديد أوقات معينة لاستخدام الانترنت أمام أعين الأطفال، فلا يطغى وقت استخدام الوسائط التكنولوجية على وقت الدراسة على وقت العلاقات الاجتماعية الداخلية والخارجية. وأيضًا تحديد مواقع محددة يدخلوا عليها تتناسب مع أعمارهم وقدراتهم".

كما يجب أن يكون هناك أوقات للعائلة يجلس فيها الأبوين مع أطفالهم، يتحدثوا، يتناقشوا، يسمعوا بعضهم البعض، فعلى الأسرة أن تراعي أبنائها وتهتم بهم وبما يبحثون عنه عبر مواقع التواصل، وبما يشاهدونه ويتعلمون منه، فلا يتركوهم للعزلة والأمراض النفسية. 

ويقول غراب، "علينا أن نعيش معهم الحياة اليومية بشكلٍ قائم على الاحترام والتقدير. اجلسوا معهم اجعلوا هناك جلسات يومية أو أسبوعية على الأقل تستمتعوا لبعضكم البعض، تناقشوا قضايا مختلفة تبث الطمأنينة والسعادة النفسية بين أبنائكم مهما كبروا سنًا".

وعلى الأبوين أن يبنوا جسور من الثقة بينهم وبين أبنائهم فلا يدعوهم عرضة لعمليات الابتزاز الالكتروني التي أصبحت تقع الفتيات الصغيرات فريسة لها، وفقًا لغراب، الذي أشار إلى ضرورة بناء علاقة تربوية قائمة على الاحترام والتقدير لا يكون فيها كل شخص منشغل بنفسه وبمنأى عن توطيد علاقاته بالآخر. فعلى العكس يجب أن يكون هناك تواصل مستمر فيما بينهم مبنى على أساس الثقة المتبادلة.

علينا أن نكون على دراية بتأثيرات التكنولوجيا والاستخدام المفرط للهواتف المحمولة على حياة أطفالنا. يجب أن نشجع الأطفال على التواصل الاجتماعي الحقيقي واكتشاف العالم من حولهم بدلاً من الانغماس في عالم الشاشات. يجب تعزيز التواصل العائلي وتحفيز النشاطات الاجتماعية والتربوية التي تساعد الأطفال على تطوير مهاراتهم الاجتماعية والتعليمية. كما يجب تنظيم وقت استخدام التكنولوجيا وتحديد حدود صحية لضمان توازنٍ بين الحياة الافتراضية والحياة الواقعية.

ويختم قوله بأن استخدام التكنولوجيا بشكل مسؤول يمكن أن يكون له فوائد كبيرة، مثل زيادة المعرفة والتواصل مع العالم الخارجي. ومع ذلك، يجب أن نكون حذرين ونواجه تحدياتها بحكمة لضمان صحة وسلامة أطفالنا وتطورهم الشامل.