تتربع قضايا الذمم المالية على عرش القضايا المنظورة أمام القضاء في الأراضي الفلسطينية، وذلك نتيجة للضائقة المالية التي يمر بها السكان بفعل شح السيولة النقدية المتوفرة وارتفاع معدلات الفقر والبطالة بصورة غير مسبوقة واعتماد شريحة لا تقل عن 80 في المائة من الناس خصوصا في قطاع غزة على المساعدات الإغاثية.
وبما أن الشيكات البنكية تتصدر المرتبة الأولى في الاستخدام من بين الأوراق التجارية بسبب زيادة المعاملات المالية والتجارية بين الأفراد والبنوك، فقد أصبحت أداة يساء استخدامها للهروب من استحقاق الدفع في ظل العجز عن الإيفاء به.
وقد أصبحت الشيكات المرتجعة ظاهرة بمعنى الكلمة، تستخدم كبديل عن الدفع النقدي للوفاء بالديون وتسوية المدفوعات وتخليص المعاملات التجارية وفي إثبات الديون والحقوق المالية المترتبة على المحرر، وهو أمر أدى إلى مشكلتين كما يقول الباحث الاقتصادي أشرف إسماعيل، الأولى: إنه قلل حركة التداول بالعملات الورقية والثانية هي الإضرار بالاقتصاد الوطني عموما.
ويمكن حصر الأسباب التي فاقمت من كمية الشيكات المرتجعة في الأراضي الفلسطينية عامةً وقطاع غزة على وجه الخصوص، كما يقول الباحث إسماعيل بارتفاع نسب البطالة وانخفاض الدخل وعدم ثبات مصادره، تتابع الأزمات الاقتصادية من عدوان وتجريف للأراضي وإغلاق المعابر أمام حركة الصادرات وما قبلها وبعدها، فلم يعد يملك الأفراد القدرة على الدفع النقدي عن إجراء أي معاملة مالية أو شراء أيّ من احتياجاتهم وتسديد ما عليهم مما يدفعهم لتحرير الشيكات فيكون استخدام الشيك في مثل هذه الحالات لتأدية وظيفتيّ الرهن والائتمان بدلاً عن الوفاء والأمانة فيعجز العملاء لاحقاً عن الوفاء بالتزاماتهم.
وطبقاً لإحصاءات قدمها زياد ثابت رئيس دائرة التفتيش القضائي في قطاع غزة، فإن إجمالي قضايا الذمم المالية المتوفرة لدى الجهات القضائية 142 ألفاً، بعضها مرحل من سنوات سابقة وبعضها خلال العام 2020 فقط.
ومن ناحية فعلية، فإن عدد المواطنين الذين يملكون حسابات لدى المصارف ويستخدمون دفاتر شيكات بلغ 700 ألف مواطن طبقاً لإحصاءات سلطة النقد الفلسطينية، منهم 360 ألف مواطن حاصلون على تصنيف "ممتاز جدا"، ويسمح لهم بالتعامل مع الشيكات، فميا أن 470 ألف مواطن حاصلون على تصنيف سيء.
ومن أجل معالجة سوء استخدام الشيكات البنكية، وإنهاء ظاهرة الشيكات المرجعة قال محافظ سلطة النقد برام الله فراس ملحم، إن سلطته قامت بإنتاج تطبيق إلكتروني يتيح للأفراد خدمة الاستعلام عن الشيكات مسبقاً قبل استلامها.
وأضاف ملحم "من أجل المساهمة في الحدّ من إساءة استخدام الشيكات. والحد من ظاهرة الشيكات المعادية او الراجعة لعدم كفاية الرصيد، قمنا بإنتاج هذا التطبيق ضمن قواعد التحول الرقمي، عبر إحدى الشركات المحلية التي قامت بتطويره".
وأكد أن هذا التطبيق يتيح للمواطن أن يعرف ما هو تصنيف الشخص صاحب الشيك، ومعرفة التصنيف تخوله بالقبول به من عدمه، مشيرا إلى أن هذا الأمر يساعد في الحد من عمليات النصب، ويحد من الشيكات الراجعة، كما ويؤدي إلى تعزيز الاقتصاد الوطني، وزيادة الثقة بالشيك كأداة للوفاء.
من جانبه وصف صلاح الدين فارس مساعد مدير عام بنك الاستثمار الفلسطيني، هذه الخطوة بأنّها مهمة وتندرج ضمن سياق التحول الرقمي في العملية المصرفية، والتي باتت من أهم الاستراتيجيات التي تعتمد عليها البنوك.
وقال فارس: "هذا التطبيق مفيد جدا للمواطنين ويساعدهم على استعادة الثقة بالشيك البنكي، ويجعلهم أصحاب قرار في قبول الشيك من عدمه من محرره، بناء على التصنيف الذي يظهره التطبيق"، مؤكداً ثقة البنوك بالدور الذي تلعبه سلطة النقد تجاه دعم فكرة التحول الرقمي ودعم الاقتصاد الوطني.
الشيكات المرجعة