بهذه الطريقة تواجه فقدان الشغف دون مساعدة

بهذه الطريقة تواجه فقدان الشغف دون مساعدة

 

كثيرًا ما يتردد مصطلح فقدان الشغف على ألسنتنا في الآونة الأخيرة، يستخدمه البعض من جانب ساخر غير مُدركين إلام يُشير ومدى واقعيته وأهميته وانعكاسه على الفرد والمجتمع في آنٍ واحد.

أحيانًا تصبح الحياة على الرغم من كل مستجداتها ومُتعها وتغيراتها سيّان في عين المرء، فلا يشعر بقيمة الفرح، ولا بعمق الحزن. تُصبح تعابيره واحدة ومتشابهة على مختلف المواقف والأحداث التي تواجهه يوميًا.

وقد يكون ذلك طبيعيًا إلى حدٍ ما، وفق تقييم مختصين، لكن يُشترط أن يكون مؤقتًا غير دائم وناتج عن حادثة ما، أما استمراره وتكراره ليغدو عادة فيؤثر على نوعية الحياة وجودتها بشكلٍ مُطلق، هو تحديدًا ما يثير القلق ويستوجب الانتباه.

يتساءل الكثير كيف يمكن انعكاس مفهوم فقدان الشغف على حياتنا اليومية؟ وهل فعلاً يمكننا تشخصيه وإيجاد حلول منطقية وواقعية له؟ وما مدى قدرة الشخص على التعامل مع حالته هذه دون مساعدة ما؟

أستاذ التنمية البشرية وتطوير الذات د. عبد العزيز أبو حيلة، يفيد بأنّ مفهوم فقدان الشغف يُشير إلى انخفاض الطاقة والرغبة تجاه أي شيء، إلى جانب مواصلة الأمور الحياتية بشكلٍ روتيني دون استشعار لجدواها الفعلية.

ويعني أيضًا، التجرد من الرغبة وعدم الاهتمام بتحقيق أي شيء، فيشعر الإنسان أنّ عنصر السعادة والمُتعة في ممارسة الأعمال والإنجاز يُقتل، بالتالي لا يكون لديه قابلية لمواصلة مراحل التطور في رحلة الحياة.

وشبّه الحيلة آمال الإنسان وأهدافه بأمواج البحر والمدّ والجزر فقال إنها غير مستقرة ولا ثابتة، غبر أنّه أشار إلى أنّها حالة طبيعية، مفسرًا ذلك بأنّنا بشر نشعر ونتأثر بالأحداث فعندما نستقبل أمورًا إيجابية ترفع ثقتنا بأنفسنا وتزيد رغبتنا لتحقيق أهدافنا وطموحاتنا.

أما عندما تواجهنا أحداث سلبية فتلقائيًا نشعر أنّ الحياة معقدة وصعبة، وهذا الأمر من وجهة نظر الحيلة هو طبيعي يعود لفطرتنا البشرية وما جُبلنا عليه، لذلك؛ فإنّ فقدان الشغف والطاقة حالة طبيعية على مرّ العصور.

ويقول الحيلة إنّ فقدان الطاقة والشغف عند الإنسان يأتي نتيجة لأسباب محددة، منها مثلاً الفشل، فهناك الكثير من الأشخاص غير المؤهلين حسب نمط التربية والمعيشة الذي يعايشونه على التعامل مع الفشل؛ لذلك نجد أن تأثيرات هذا الأمر وانعكاساته تختلف من شخصٍ لآخر.

وضرب أمثلة على ذلك من حياتنا اليومية، كطالب الثانوية العامة الذي لا يحالفه الحظ في اجتياز المواد الدراسية في عامه الدراسي من المرحلة الأولى، أو أي شخص آخر لم يتمكن من تحقيق حلم ما، فمن الطبيعي أن يُصاب بالإحباط وينتابه شيء من ضعف الثقة بالنفس.

ومن البديهي أنه عندما تقل الطاقة عند الإنسان يجد أن شعوره لتحقيق آماله ينطفئ، فالمرء عبارة عن كتلة من المشاعر تحركه تجاه الأمور، فعندما يفقد رغبته بإنجاز أمرٍ ما نجد أن مشاعره تُقتل ويبدأ اليأس يتسلل إلى أفكاره، فيصبح تواصله مع الناس صعب دون مبالاة منه، وهكذا تنتهي صلّته بالحياة.

يقرن الحيلة نجاح الإنسان بالتحدي ومواجهة الصعاب، فأجمل الإنجازات والانتصارات هي التي تولد من رحم المعاناة. كما يُشير إلى أنّ إيمان المرء بنفسه وبأهدافه تجعله يخرج تدريجيًا من دوامة فقدان الشغف إلى تفاصيل العمل الذي يعكف عليه حتى يُحقق الهدف الذي يسعى له.

ويقدم حلولًا في متناول الجميع لمواجهة أيّة حالة لفقدان الشغف والطاقة في مواصلة مجريات الحياة، منها أن يدرك المرء أنّ الخطأ وارد وهو أمر طبيعي جدًا، لكن الاستمرار على الخطأ هو غير الطبيعي.

كما أنّ تكرار الخطأ مرة واثنين وثلاثة يتطلب شحذًا أعلى للهمم وعدم الاستسلام كيلا يتسلل اليأس والإحباط إلى دواخلنا. إلى جانب أهمية أن نعزز مواطن القوة في ذواتنا ونستفيد من تجاربنا باتجاه إيجابي حتى تتضح أمامنا الخيارات وتُفتح الأبواب بالاتجاه الصحيح ونواصل بأمل ومتعة كبيرين.