هل يمكن أن تكون التقليلية أسلوب حياة ؟

هل يمكن أن تكون التقليلية أسلوب حياة ؟

التقليلية هي مفهوم فلسفي وعقلاني يهتم بالتركيز على الأمور الأساسية والجوهرية وتجاوز الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة والتفاوتات البسيطة، وتشمل هذه الفلسفة الاستراتيجيات التي تساعد الفرد على التحرر من الضغوطات والتشتتات الزائدة في حياته وتركز على المهام والأهداف الحيوية التي تسهم في تحقيق نجاح وسعادة أكبر.

تنطبق جذور مصطلح التقليلية أو (الميناميليزم) على الستينيات من القرن الماضي، عندما ظهرت كحركة فنية ضمن المدرسة التجريدية بعد الحرب العالمية الثانية، اشتهرت هذه الحركة باستخدام أدنى قدر من العناصر والألوان، مع التركيز على التبسيط وإزالة الكثير من التفاصيل.

ومن هنا نشأت حركة التقليلية لتصبح في وقتنا الحاضر أسلوب حياة يتبناه البعض في جوانب حياتهم المختلفة، يعتمد الشخص التقليلي ببساطة على اقتناء ما يحتاجه فقط، ويتجنب التفريط في مقتنيات زائدة تتجاوز حاجاته الأساسية، سواءً في منزله، ملابسه، أو حتى في طعامه. يراوده اعتقاد أن التقليلية تحرره من هوس التراكم والتملك الذي يعم عصرنا الحديث، حيث يرى في هذا الأسلوب الحياتي فرصة للتحرر والتبني لمفهوم بسيط يمكّن الجميع من اتباعه.

أصبحت التقليلية أكثر أهمية في حياتنا اليومية بسبب التطورات السريعة التي شهدناها في العصر الحديث، مما أدى إلى زيادة الضغوط والتحديات التي نواجهها في مختلف جوانب الحياة.

 ويمكن تلخيص بعض الجوانب الهامة للتقليلية وأهميته بما يلي :

 

تحسين التركيز: من خلال تقليل التشتت والاهتمام بالأشياء الجوهرية، يمكن للفرد تحسين قدرته على التركيز وتحقيق أداء أفضل في المهام والأنشطة التي يقوم بها. يعزز التركيز العالي الإنتاجية ويساهم في تحسين نتائج العمل وتحقيق الأهداف بفعالية أكبر.

 

تقليل الضغط والتوتر: تعد التقليلية واحدة من الطرق المؤكدة للتخلص من التوتر والضغوطات النفسية التي قد تؤثر سلبًا على الصحة العقلية والجسدية. باستثناء الأمور الأساسية وتقليل التشتت، يمكن للشخص التحرر من الضغوط الزائدة والشعور بالهدوء والسكينة الداخلية.

 

تحسين اتخاذ القرار: عندما يكون الفرد أقل انشغالاً بالتفاصيل الصغيرة والأمور الثانوية، يمكنه التفكير بوضوح أكبر واتخاذ قرارات أفضل وأكثر وعيًا، ويتيح له ذلك تخصيص الوقت والجهود لأمور حياتية مهمة ويسهم في تحسين جودة اتخاذ القرارات الحاسمة.

 

تحقيق السعادة والرضا: من خلال التقليل من التركيز على الأشياء السطحية والقلق الزائد حول الأمور التافهة، يمكن للشخص تعزيز شعوره بالسعادة والرضا الداخلي، فإن تحقيق التوازن والهدوء النفسي يساهم في تحسين جودة الحياة وتعزيز الصحة النفسية بشكل عام.

 

تحقيق التوازن بين العمل والحياة: يعاني الكثير من الناس من صعوبة في تحقيق التوازن بين متطلبات العمل والحياة الشخصية. باعتماد التقليلية، يمكن للفرد تحديد الأولويات وتخصيص الوقت بشكل أكثر فعالية، مما يساهم في تحقيق التوازن المثالي بين الجوانب المختلفة في حياته.

 

في النهاية، تُعَدُّ القيم الرئيسية للتقليلية هي التركيز والبساطة والتحرر، وهي تُعَدُّ أدوات فعَّالة لمواجهة التحديات اليومية والاستمتاع بحياة ملؤها الإيجابية والسعادة، من خلال التركيز على الأشياء الأساسية وتجاوز التفاصيل الزائدة، يمكن للفرد أن يصبح أكثر منظَّمًا ومتوازنًا في حياته ويتحكم بتجاربه بطريقة أكثر تفاؤلًا وإيجابية.

وأشارت دراسة بحثية عُقِدَت في عام 2012 في تأثير السيطرة على الرغبة في الاستهلاك واعتماد نمط حياة بسيط، حيث  أظهرت أن الأشخاص الذين اعتمدوا نمط حياة بسيط كان لديهم شعور عام أعلى بالرضا في الحياة مقارنة بغيرهم، وهذه النتائج تم تأكيدها أيضًا في دراسة أُجريَت في عام 2015 واكتشفت تأثير الاستهلاك المتدني على سعادة الفرد، حيث أظهرت أن الأشخاص الذين يتبنون نمطًا قليل الاستهلاك كانوا أكثر سعادة بشكل عام مقارنة بالأفراد المُصنّفين بأنهم مُستهلكون.