في أحد أزقة مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، يعيش محمد السيد (اسم مستعار)، رجل في الأربعينيات من عمره، لم يتمكن من إكمال تعليمه الثانوي بسبب ظروف الحياة القاسية التي عاشها في طفولته. على الرغم من هذا التحدي، تمكن من تعلم الحياكة واستطاع اقتناء ماكينة مستخدمة ليؤسس من خلالها مشروع صغير يعينه على توفير قوت أسرته.
هدم محمد جدار غرفته المطل على الشارع وحولها إلى متجر متواضع في قلب المخيم، حيث يعمل على قص وتفصيل الملابس لفقراء المخيم. يقضي ساعات طويلة يجلس في مكانه الضيق، يتراوح بين قطع القماش واستخدام آلة الحياكة لصنع ملابس بسيطة وعملية لعملائه.
يؤرقه الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي والذي يحول في الغالب دون إكمال مهمته في رتق الملابس والتفصيل وغيرها من أعمال لا تتم إلا باستخدام الماكينة. تتنوع منتجاته بين حياكة القمصان والسراويل والفساتين البسيطة لصغيرات الجيران وتقصير أطوال الأثواب النسائية، تلك أشياء يمكن فعلها بمقابل أسعار معقولة. لا تتجاوز في أحسن الأحوال خمسة شواكل (دولار ونصف) مقابل مهمة قد تستغرق منه أكثر من ساعة.
يقول الرجل "إن الحياة مليئة بالتحديات، كعائلة من ستة أفراد، يقع على عاتقي توفير احتياجاتهم الأساسية، بما في ذلك الطعام والشراب"، ومع ذلك، يجد محمد صعوبة في توفير الحليب والحفاضات لأطفاله، بالإضافة إلى صعوبة شراء الفواكه واللحوم التي تعتبر فاخرة بالنسبة له ولأسرته وللكثير من جيرانه في مخيم الشاطئ الذي يعد واحد من أصل ثمانية مخيمات موزعة على خمس محافظات في قطاع غزة.
تتأثر مهنة محمد بالتقلبات الاقتصادية والتحديات المستمرة في القطاع، بما في ذلك مواعيد صرف الرواتب والمساعدات النقدية للشؤون الاجتماعية، وغيرها، مما يجعله يعاني من عدم الاستقرار المالي.
وقال في بعض الأيام، ينجح في إتمام أكثر من مهمة بين قص وحياكة، ما يكفي لتلبية احتياجات أسرته الأساسية، ولكن في أيام كثيرة، يجد صعوبة في تحقيق الدخل الكافي.
على الرغم من كل التحديات، يظل محمد متفائلاً ومصممًا على توفير أفضل حياة ممكنة لعائلته، يعمل بجهد وإتقان لإنتاج منتجات ذات جودة عالية وأسعار معقولة، محاولاً تلبية احتياجات الفقراء في المخيم، مستعينا ببعض المساعدات العينية والنقدية التي يحصل عليها كل ثلاثة شهور، عبر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وكذلك وزارة التنمية الاجتماعية.
محمد يدرك أهمية توفير الطعام الصحي والتغذية المتوازنة لأسرته، وعلى الرغم من تحديات الفقر، يسعى جاهداً لتوفير لحوم مثلجة على نحو مناسب بصفتها أقل سعراً من تلك الطازجة. في بعض الأوقات، يتلقى مساعدة من المنظمات الإنسانية والجمعيات الخيرية المحلية التي تعمل على توفير المساعدة الغذائية للأسر الفقيرة في المنطقة.
مع ذلك، يواجه محمد تحديات نفسية أيضًا، حيث يشعر بالضيق والإحباط بسبب صعوبة تحقيق الرغبات الأساسية لأفراد أسرته فيما يتعلق بالألعاب، ورحلات الترفيه، والتنزه، وغيرها. لكنه يعتمد على قوته الداخلية وتفاؤله للتغلب على تلك الصعوبات والمضي قدمًا.
وعلى الرغم من أن قصة محمد تجسد قوة الإرادة والتصميم في مواجهة التحديات القاسية، إلا أن فاتورة مصروفاته الشهرية مقابل إيراداته تثقل كاهله حيث تتضاعف نسبة العجز، مما يعثر من عملية الوصول إلى حياة كريمة.
إليكم فاتورة مصروفاته الشهرية: