هذا كل ما بوسع "التعليم" فعله للتخفيف عن طلبة التوجيهي؟ 

ناجون من العدوان ذاهبون للامتحان 

هذا كل ما بوسع "التعليم" فعله للتخفيف عن طلبة التوجيهي؟ 

يواجه طلبة الثانوية العامة من الفلسطينيين في قطاع غزة، تحديات كبيرة خلال فترة التحضير للامتحانات النهائية المقرر أن تبدأ في السابع من حزيران/ يونيو الحالي. إذ تزامنت هذه الفترة مع تصعيد عسكري إسرائيلي على غزة خلال مايو الماضي استمر لخمسة أيام؛ مما أدى إلى تأثير نفسي سلبي على الطلاب وزيادة الضغط على أعبائهم الدراسية، وفق إفادة العديد منهم. 

ويعاني الطلبة بالتوازي مع ضغوطات الدراسة، من صعوبة في التركيز والقلق المستمر، في وقت تتزايد فيه الأسئلة والتساؤلات حول دور وزارة التربية والتعليم في توفير الدعم النفسي والتسهيلات للطلاب في هذه الفترة الحساسة.

ومن بين الأسئلة التي يطرحها الطلبة: هل تقوم الوزارة بتقليص المنهاج، أو إعلان تسهيلات خاصّة بالامتحانات مثل تقليص عدد أسئلة الاختبارات وغيرها من أفكار للتخفيف من حدّة الضغط النفسي الواقع عليهم؟

عبد الله أحمد (18 عامًا) من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، أحد طلبة الثانوية العامة لهذا العام، قال عن أثر العدوان الإسرائيلي الذي استمر خمسة أيام خلال مايو الماضي على تحضره للاختبارات، "خلال التصعيد عانيت ضغطا نفسيًا مضاعفًا كطالب لأن مشاعري كانت متضاربة ما بين الدراسة أو متابعة الأخبار أو قضاء الوقت مع الأهل فقد تكون هذه الجلسة الأخيرة".

وأشار الشاب أحمد إلى أنّهم كانوا يدرسون تحت القصف وأصوات القذائف وخرجنا من العدوان بنفسية هشة فحتى اللحظة الأوضاع الميدانية غير مستقرة في غزة والأخبار متباينة ونحن نرضخ تحت الضغط الدراسي من ثقل المنهاج ومن توتر الأوضاع.

وتساءل أحمد باستهجان، "لماذا لم تساعدنا الوزارة في التخفيف من حجم المنهاج أو الإعلان عن تسهيلات في الامتحانات لطمأنتنا؟"، وتابع، "لقد خففوا من المنهاج بسبب إضراب المعلمين في الضفة الغربية ولكن نحن كطلبة غزة لم يكترث أحد لظروفنا النفسية خلال العدوان وبعده، نتمنى أن يراعوا الأمر في الامتحانات وخلال التصحيح".

واستشهد 8 من الطلبة، بينهم طالبة في المرحلة الثانوية خلال العدوان الأخير، فيما تضررت 44 مدرسة وروضة أطفال، وفق تصريح صادر عن وزارة التربية والتعليم.   

سارة أيمن (18 عامًا) هي أيضًا طالبة ثانوية عامة تسكن في مدينة غزة، عايشت ضغطًا نفسيًا شديدًا خلال فترة التصعيد التي تسببت بخسائر بشرية ومادية كبيرة وتركت آثارًا نفسية قاسية على نفوس السكان.

تقول الطالبة سارة في حديثٍ لـ "آخر قصّة"، "أصعب لحظة مرّت عليّ خلال التصعيد عندما وصلنا خبر إخلاء لجيراننا وخرجنا من البيت في دقائق معدودة ونحن نجري وأنا لم أعرف هل أصطحب كتبي معي أم أنتبه لأهلي وإلى اليوم أعاني من تأثير ذلك الموقف". 

عدا عن ذلك فقد شكّلت ظروف العدوان نفسها من ازدحام الأخبار والتردد في إعلان التهدئة ضغطًا على سارة وزميلاتها من طلبة الثانوية العامة في ضعف التركيز الدراسي والتوتر النفسي المستمر، حسبما أشارت.

وتوافق الأكاديمي والباحث في علم الاجتماع عرفات حلس مع ما تقدمه به الطلبة من تأثير الأوضاع السياسية على تركيزهم الدراسي، وقال، "إن مرحلة الثانوية العامة هي مرحلة حساسة جداً من عمر الأبناء ووسط الإنجاز والتفوق يوجد منافسات وقلقاً مستمرا خوفاً من الإخفاق". 

وأضاف حلس لـ "آخر قصّة"، "إن فترة العدوان الإسرائيلي تُعتبر فترة صعبة جداً وحساسة لدى طلاب التوجيهي، فأصوات القصف والطائرات تعمل على زيادة القلق والتوتر ويدخل الطالب في عراك نفسي بين تفكيره بمتابعة الأخبار وإكمال دراسته".

وعن أسئلة الطلاب في تلك الفترة تابع، "يطرح الطلبة الكثير من الأسئلة خاصّة وقت إعلان التهدئة، هل يوجد عملية اغتيال جديدة؟، هل يتجدد القصف أم سيتم الالتزام بالتهدئة؟، والكثير من الأحداث التي ما زالت عالقة في أذهانهم يمكن أن تؤثر على التحصيل الدراسي لهذه السنة المفصلية بالنسبة لهم".

ونصح الأكاديمي حلس، أهالي الطلبة، بضرورة تخفيف توتر أبنائهم في الثانوية العامة، من خلال محاولة توفير بيئة مريحة قدر الإمكان خلال الفترة القصيرة المتبقية؛ لتعويض ما فاتهم من الدراسة وإبعادهم عن الأخبار، وضربَ الأمثلة الناجحة والمتفوقة أمامهم لتحفيزهم.

في المقابل، وبحثاً عن معرفة الدور الذي ستقوم به وزارة التربية والتعليم تجاه طلبة الثانوية العامة، قال مدير عام وحدة العلاقات العامة بالوزارة في قطاع غزة أحمد النجار، "إنَّ الطلبة سيتقدمون لامتحانات الثانوية العامة بكافة ما يتضمنه المنهاج الحالي دون إجراءات تغييرات جديدة، وأنها أنهت أغلب الاستعدادات لبدء الامتحانات وجهزت القاعات، وهناك ستة آلاف معلم ومعلمة يتحضرون لعمليات المراقبة".

وفي سؤال عن الإجراءات المتبعة من قبل الوزارة في سبيل تخفيف الضغط النفسي الواقع على الطلبة بفعل العدوان، قال النجار لـ "آخر قصّة"، "سنوفر مرشدين تربويين ونفسيين للتدخل في حال حدوث أي طارئ وهناك نقاط طبية في كل لجنة امتحان متوفرة بالتنسيق مع وزارة الصحة كما كل عام". 

وأشار إلى أن الامتحانات تراعي الفروق الفردية لدى الطلبة من خلال التنسيق الكامل والشامل بينها وبين المسؤولين في الضفة الغربية بما يتضمن وضع الأسئلة وطبيعتها وتقسيمها بحيث يستطيع الطالب التعامل معها وتتمكن كافة المستويات بالإجابة عليها".

فيما لم يتطرق مدير عام وحدة العلاقات العامة بوزارة التربية والتعليم إلى أيّة إيعازات وزارية لإمكانية تنفيذ تسهيلات معينة تتعلق بتصحيح الامتحانات النهائية أو خلافه مراعاةً للظروف النفسية التي مرّ بها الطلبة في غزة بفعل العدوان الإسرائيلي الأخير.