تحول منزلي ومتحفي الأثري الذي واظبت خلال أربعين عامًا على جمع مقتنياتي فيه إلى كومة من الحجارة بعد تعرضه للقصف المباشر من قبل الاحتلال الإسرائيلي خلال العدوان الأخير في القطاع. لقد شعرت بحزن شديد لأن هذا الحدث يمثل خسارة فادحة لتراثنا الفلسطيني.
أنا حازم مهنا (62 عامًا) قضيت جُلّ عمري في جمع التحف والآثار والممتلكات القديمة والقيمة في منزلي وخلال العدوان الأخير أمهلني الاحتلال خمس دقائق لإخلاء المنزل فخرجت أنا وأبنائي من البناية المكونة من أربع شقق سكنية لا نحمل شيئًا معنا.
أنا في الأصل لاجئ فلسطيني من بلدة المسمية قضاء الرملة وقد هُجرنا من بلادنا قسرًا عام 1948 وأجبرنا على العيش بداخل منازل صغيرة مساحتها لا تزيد كثيراً عن مساحة القبور، وعلى الرغم من ذلك يصرّ الاحتلال على تهجيرنا مرة أخرى.
بالكادّ استطعت إنقاذُ نفسي وعائلتي لكنني لم أستطع إنقاذ مقتنياتي الثمينة التي دفعت لأجلها كل ما أملك من مال ووقت وجهد بالفعل شعرت عندما قصفوا المنزل كأنّهم "نسفوا قلبي من جوا، الله ينسف قلبهم".
لقد كانت موهبتي وشغفي تتركز في جمع المقتنيات الأثرية وقد سخرت لذلك كل المال الذي بحوزتي فبعد تقاعدي من عملي وضعت كل ما حصلت عليه من مكافأة نهاية الخدمة في شراء هذه المقتنيات، ولم أكتفِ بذلك فعندما وجدت قطع ثمينة وكنت لا أمتلك النقود، لجأت إلى بيع مركبتي الخاصة للحصول عليها.
على الرغم من تحول المنزل إلى حطام إلا أنني لم أغادره وآثرت البحث عن المقتنيات الأثرية تحت الأنقاض فلم أستطع أن أُخرِج إلا جزء لا يوازي ربع المقتنيات التي جمعتها خلال طيلة السنوات السابقة.
لقد خسرتُ مقتنيات أعمارها تفوق مئات الأعوام ما بين براويز وأحجار كريمة وعملات قديمة وأوراق ثبوتية لأوطان متعددة، بالإضافة إلى قطع خاصة بالتراث الفلسطيني كالأثواب المطرزة والبكارج والتحف النحاسية.
تلك المقتنيات تعني لي الكثير فهي ليست مجرد قطع أثرية، بل لكل قطعة قصة لديّ ولم أكن أستبدلها بأي مبلغ مالي، لارتباطي المعنوي بها وتميزي بها وقد كنت آمل أن أورث هذا المتحف لأبنائي من بعدي ليبقى مُتجدد بالتحف والمقتنيات الأثرية على مدار السنوات القادمة.
أعتقد أنَّ الاحتلال الإسرائيلي بقصفه منزلي كان يقصد ملاحقة التراث الفلسطيني لكني لن أستسلم وسأبقى أبحث عن قطع جديد وأحفظ بها مجددًا لأعيد إنشاء متحفي الخاصّ وإكمال مسيرتي في جمع المقتنيات الأثرية.