داخل منزلها تنتج السيدة أمل أبو جمعة وأختيها الأكلات الفلسطينية المنزليّة على اختلافها ويبيعونها من خلال صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما يشهدن إقبالاً في شهر رمضان المبارك على أصناف محددة بعينها.
يزيد الطلب وفقًا لأبو جمعة، خلال رمضان على منتج (الكبّة) سواء كانت نيّة أو مقليّة بنسبة 60% عن الأيام العادية، وتطلبه السيدات كأحد المقبلات الساخنة المحببة في السفرة الرمضانية، وهو طبق خفيف شهي يحتاج إلى وقت ودّقة في العمل.
تقول أمل (37 عامًا) لـ "آخر قصَّة"، "العمل في إعداد الطعام المُعدّ منزليًّا ليس بالأمر السهل في البداية خاصّة أنك تتعامل مع ذوق الناس وعلى منتجك أن يُرضِي ذائقتهم، إضافة لعوامل النظافة والالتزام بالمواعيد في تسليم الطلبات وهذا كله يأتي بعد كسب ثقة الزبون وتقديم عدد من الأصناف له مجانًا ليتذوقه ويعيد طلبه مرة أخرى".
وغالبية زبائن مطبخ أمل، من السيدات العاملات اللواتي لا يجدن الوقت الكافي لإعداد جميع أطباق سُفرة رمضان التي تتميز بتنوعها، إضافة لبعض ربات المنزل اللواتي لا يُتقِن بعض الأصناف.
وترأس النساء حوالي 11% من الأسر في قطاع غزة، فيما تبلغ نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة 17% من مجمل النساء في سن العمل ويتولين مهام الإنفاق على أسرهن، وذلك في ظلّ ارتفاع معدل البطالة والذي وصل إلى 64.5% في صفوف الإناث.
إلى جانب المأكولات، تجد الشابة الثلاثينية نجوى عويضة إقبالاً ملحوظًا على الزينة الرمضانية، وهي صاحبة مشروع لصناعة التوزيعات الورقية، فيما تنتج حاليًا التوزيعات المُتعلقة بالشهر الكريم والتي تأخذ طابعاً مختلفاً عن غيرها، بالإضافة إلى العبارات الترحيبية بالضيوف، وكذلك السبح المشغولة يدويًا وبعض الإكسسوار.
وتشجع عويضة الشابات اللواتي يمتلكن الموهبة على البدء بمثل هذا المشروع، وتقول، "انّه لا يحتاج رأس مال كبير وخاصّة في ظلّ ظهور توجه جيّد لدى سيدات غزة للاهتمام في التوزيعات الرمضانية والديكورات الورقية مع الانفتاح الذي نشهده على مواقع التواصل الاجتماعي".
ويحتاج العمل الورقي جهدًا كبيرًا في اختيار التصاميم وطباعتها وتدويرها وتجهيزها، وفقًا لعويضة، التي ترى أيضًا أنّ الموهبة وحب العمل يساعدوا على الإنجاز، كما ساعدها مشروعها على توفير دخل لنفسها ومساعدة عائلتها ومنحها استقلالية وقوة شخصية في المجتمع كونها سيدة مُنتِجة فأصبح لها اسم بين الجمهور.
من داخل المنزل أيضًا تعكف السيدة الخمسينية "أم علاء" على صناعة الأجبان والألبان وبيعها وذلك منذ عامٍ فقط، لكنها لاحظت زيادة الطلب على منتجاتها بشكلٍ واضح خلال شهر رمضان، خاصّة أن أسعار الجبن التي أعدها في المنزل هي أقل سعرًا من الأنواع التجارية المعروضة في الأسواق، حسب تعبيرها.
تقول صانعة الألبان أم علاء لـ "آخر قصَّة"، "يزيد الطلب خاصّة في رمضان تحديدًا لأن بعض العائلات يزيد استهلاكها لهذه المنتجات بكميات أكبر لوجود وجبة السحور وبعضهم يستخدمونها في حشوات السمبوسك التي تعد واحدة من أشهر الأطباق الرمضانية".
وعلى الجانب الآخر بعيدًا عن الصناعات المنزلية، تجلس السيّدة الستينية فاطمة الصوص على بسطتها الثابتة في مكانها منذ أعوام في أحد الزوايا المُطلّة على المسجد العمري بسوق الزاوية الأثري داخل مدينة غزة، تبيع النعناع والجرجير والنباتات الورقية.
وتتولى السيدة الصوص وهي أم لسبعة من الأبناء مهمة المساعدة في الإنفاق على أسرتها بجانب بعض الأحفاد أيّضًا إذ تشتري هذه النباتات وتقوم بعرضها في سوق الزاوية من التاسعة صباحًا حتى ساعات المساء، بأجرٍ يتراوح ما بين 15-20 شيكل يوميًا فقط.
يزداد الطلب بشكلٍ طبيعي على هذه المنتجات النباتية خلال شهر رمضان وتعد مكونات ثانوية وثابتة تُزيد السفرة ويطلبها الزبون طوال الشهر، وفقًا للصوص التي أكّدت على أنه رغم قلّة الربح المرجو من مهنتها هذه إلا أنّ البيع يرتفع ويتضاعف في رمضان.
يصف استشاري الأعمال والمشاريع ياسر العالم، هذه الأعمال باسم مشاريع التنوع الغذائي التي يؤكد على أنّ نسبة زيادة مبيعاتها وأرباحها المتوقعة تصل إلى 50%، مبينًا أنّها من أفضل المشاريع التي تنتعش في رمضان وتُحقق أرباحًا واضحة.
وقال العالم لـ "آخر قصًّة"، "تعد هذه المشاريع مربحة في رمضان نظرًا لحاجة الجمهور التي تزداد لها خلاله، مثلاً مشاريع العصائر المنزلية والمخللات والمعجنات والمُربيات، كونها من أكثر المنتجات استهلاكًا في سوق قطاع غزة".
ولاشك أنّ أهمية التسويق الجيد للمشروع وترويجه بالإضافة لكسب ثقة الزبون من خلال منحه منتج ممتاز يجذبه فيُعيد التجربة مرة أخرى هي من مقومات نجاح المشاريع الأساسية، بحسبِ العالم الذي قال إن الزبون يلجأ لمشاريع التصنيع الغذائي بحثًا عن الطعم المميز والاتقان واختيار الكميات التي يرغب بها حسب حاجته وقدراته الشرائية.