أنا ريم عنبر (33 عامًا) فلسطينية مقيمة في بريطانيا ومؤسِسة فرقة غزال باند الموسيقية التي كان وراءها حكاية بدأت من صداقة متينة توطدت بيني وبين العود على مدار سنوات من الاهتمام بمجال الموسيقى الذي شكّل شخصيتي وساعدني في بناء مستقبلي.
عندما أحمل العود بين يدي وأبدأ بالعزف تنبت لي جناحان وأطل من نافذته إلى كل العالم فيريني الحياة بلون مختلف أعبر به عن نفسي وأعالج ندبات كثيرة تركتها الظروف السياسية غير المستقرة في غزة على نفسي وضغط المجتمع على لقص أجنحتي، ولكن لم أفعل؛ بل حلّقت أكثر وكبرت وكبر معي العود وأوتاره حتى أسست فرقة.
تعلّمت العزف على العود في سن الحادي عشر، من بعض الخبراء ومن ثم أكملت طريق تعلمه بمفردي حتى عملت في الكثير من المؤسسات في مجال الموسيقى والسيكودراما والمهارات الحياتية والمسرح، وكانت لي مشاركات في إسبانيا وبلجيكا وايرلندا وبريطانيا وداخل فلسطين ممثلة لغزة بعزفي.
الطريق الذي خضته برفقة صديقي العود لم يكن ممهداً هادئاَ كما تلك الألحان التي أعزفها بل كان صعباً يحتاج للتمسك والمقاومة عندما عملت مع فرقة موسيقية في غزة كنت الفتاة الوحيدة فيها، وقد تحديت المجتمع لسنوات طويلة كوني فتاة تعزف العود في غزة.
وصك العود هو جهاز ذكوري بوجهة النظر الأغلبية فلهذا السبب من النادر العثور على امرأة تلعب العود في غزة، ولكن هذا الأمر جعلني أكثر تصميماً على تعلمه وممارسته، وكانت والدتي دائماً تدعم شغفي بالموسيقى، وقررت أن أدرس الموسيقى في الخارج، حيث لا توجد مدارس موسيقى في غزة.
الموسيقى والعود هو ما ينسيني الخوف والتوتر خلال الثلاث العدوانات الإسرائيلية التي عشتها في غزة، بجانب أنني قررت الخروج والعمل ومساعدة المتضررين نفسياً بسبب العدوان، خرجت وعملت بالمدارس مع الأطفال والأمهات الذين فقدوا بيوتهم او شخص من عائلاتهم لم يكن أمراً سهلا بالنسبة لي العمل والخروج في العدوان وانتظار هل سأموت اليوم وأنا في طريقي للعمل.
لكننا نجونا جميعا وتركت لنا تلك الظروف آثار كبيرة في الذاكرة لي والاطفال والأهالي الذين تم العمل معهم كانت تجربة من أكبر تجاربي في العمل اكتسبت المزيد من الوقت والمزيد من حب الأطفال وكانت الموسيقى لها أثر كبير بيننا.
بعد انتهاء العدوان بفترة عملت مع مجموعة من الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة منهم كانت مشكلتهم نتيجة الإصابة من العدوان ومنهم منذ الولادة عملت معهم في مجال السيكودراما والموسيقى وكانت الموسيقى لها أثر كبير مع هؤلاء الأطفال بجانب قصص النجاح من تقبل الاطفال للموسيقى والمشاركة مع الأطفال الأسوياء وتم العمل بجهد كبير وأفكار كثيرة للوصول إلى هذا الهدف ومحاولة دمجهم ومشاركتهم وعمل مخرجات موسيقية وفنية متنوعة معهم.
قد أكون من النسبة الأقل في المجتمع الذين يملكون كامل حريتهم، ولم أشعر يوما في حياتي أنني أضعف كوني أنثى بالرغم من ضغط المجتمع إلا أن دعم أهلي الدائم لي وإيمان والدتي بموهبتي كان يزرع في دربي بساتين من ورد وحب فكان دائما هدفي واضح امامي، اشق طريقي بكل قوتي أخوض التجارب واتعلم منها، وأصل لما اريد.
تكلل جدي واجتهادي بالنجاح فأنا الآن أعيش في بريطانيا وأسست فرقتي غزال باند بمشاركة زوجي، التي نعمل من خلالها على نشر الموسيقى والثقافة الفلسطينية والعربية وأيضا نشر موسيقاي الخاصة بي في بريطانيا وجامعاتها والكثير من الدول الاجنبية والعربية.
طموحي في المستقبل هي توصيل رسالتي لكل العالم وأكمل دراستي في مجال الموسيقى وأن أرى كل أنثى في بلدي حرة من كل القيود، تحلم بغد تملكه هي، ولا يمتلكها فيه أسباب.