ينشغل الطبيب سامر صلاح (39 عامًا) بإعادة الحسابات كل مرة على آلته الحاسبة علَّ راتبه المُقدّر بألفي شيكلا يكفي هذه المرة لسداد احتياجاته الشهرية دون الاضطرار لتراكم الديون كالعادة.
ويعمل سامر طبيب أسنان في عيادة صديقه الذي سافر إلى أوروبا منذ بضعة أعوام، وكان قد حصل على فرصةِ العمل هذه بشقِ الأنفس، فيما لم يحظَ بعملٍ في إحدى مؤسسات القطاع الصحي الحكومي أو غيره، ولم تُمكّنه ظروفه الاقتصادية من امتلاك عيادة خاصّة به.
يعاني سامر أوضاعًا ماديّة قد لا تليق بمُسمّاه كطبيب على اعتبار أنّه ينحدر من شريحة تتميز بمكانة اجتماعية سامية، لكن ظروف قطاع غزة السيئة اقتصاديًا قد نالت منهم أيضًا كون القطاع يشهد اكتظاظًا في أعداد أطباء الأسنان وفق تصريحٍ سابق لنقيب أطباء الأسنان جمال خصوان توقع فيه أن يصل العدد إلى 5000 طبيب خلال الخمس سنوات القادمة، واصفًا الرقم بأنّه يفوق حاجة المجتمع تِبعًا لمقارنته مع التعداد السكاني.
ولكن كيف لطبيبٍ قد استنزف تخصصه الدراسي سنوات عمره وجيب عائلته أن يُوفِق بين طموحاته واحتياجات أسرته المكونة من زوجته وأطفاله الاثنين بأجرٍ شهري لا يتجاوز 550 دولار أمريكي؟
يقول سامر لـ "آخر قصّة"، "أفكر بفرص عمل أفضل لأن الجزء الأكبر من الراتب يذهب إلى المواد الغذائية، إضافة إلى مصاريف علاج طفلي الذي يعاني ضمورًا في العضلات، وتكاليف هذين الأمرين مرهونة بالغلاء المعيشي الحاصل مؤخرًا وشُح الأدوية وندرتها؛ ما يتسبب في ارتفاع سعرها وبالتالي هذا ما يحدث اضطرابا في ميزانيتي".
ولا تقف المصاريف التي تُرهق كاهل الطبيب سامر عند هذا الحدّ فهو يستأجر شقة سكنية بقيمة 500 شيكلًا ويُلزم بإيفاء تكاليف الإيجار الشهرية، بجانب فواتير الكهرباء والانترنت التي تعتبر مصاريف شهرية ثابتة إلى حدٍ كبير.
أمام هذه المستلزمات والمتطلبات الشهرية يحاول طبيب الأسنان سامر أن يُقلّص مشتريات أسرته الثانوية أو يستغني عنها مقابل الاحتفاظ بكل ما هو ضروري وأساسي فقط، كما يضطر أن يُحرم وأسرته من الخروج في نزهة والترفيه للعديد من الأشهر لئلا يقع بين فكي الديون التي تصل إلى ربع راتبه شهريًّا.
وهربًا من هذا الواقع، يسعى سامر لنيل فرصة عمل بديلة يُحسّن من خلالها ظروف أسرته المترديّة؛ لكن الأمر قد يبدو صعب المنال خاصّة وهو يقضي في عمله الحالي ما يفوق الـ 9 ساعات يوميًا؛ لذلك لا تغيب عن ذهنه فكرة الهجرة الشرعيّة من البلاد وإيجاد فرصة للعيش والعمل أفضل في الخارج.
يحلم طبيب الأسنان أن يمتلك يومًا ما بيتًا خاصًا لا يضطر في نهاية الشهر لتسديد قسط إيجاره للمالك، ويأمل أن تتغير ظروفه للأفضل دون أن يذهب للاقتراض من الأقارب والأصدقاء مرة تلو المرة لتوفير الاحتياجات الأساسية لأسرته وأطفاله.
فيما يلي قائمة مصروفاته ونسبة العجز التي يعانيها شهرياً: