لم يكن أمام عبد الجواد الدعالسة، فرصة غير التوقف عن التعليم من أجل المساعدة في الإنفاق على أسرته بعد تعطل والده عن العمل وانعدام مصادر الدخل للأسرة التي تتكون من ثمان أفراد.
يقطن الدعالسة (24 عاماً) في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وقد أنهى مرحلة الثانوية العامة، لكن فكرة الالتحاق بالجامعة لم تعد تراوده لاسيما بعد انخراطه كعامل في أحد المحال التجارية بالمخيم.
وسبق أن تنقل الدعالسة بين عدد من المحال التجارية بحثًا عن راتب شهري أفضل يغطي احتيجاته وأسرته، وانتهى به المطاف بعد خمس سنوات إلى أجر قيمته 500 شيكل شهرياً (ما يعادل 147 دولار شهريًا).
قيمة أجر تخالف القانون الفلسطيني الذي نص في المادة الأولى لقرار مجلس الوزراء رقم (4) للعام 2021، الخاص برفع قيمة الحد الأدنى للأجور على اعتماد الحد الأدنى للأجور في جميع مناطق دولة فلسطين على النحو التالي: يكون الحد الأدنى للأجر الشهري وفي جميع القطاعات مبلغاً قدره 1880 شيكل شهرياً.
يتجول الشاب العامل غالبًا في الشوارع العامة بعد الانتهاء من ساعات العمل (9 ساعات يوميًا) ويعود أدراجه إلى المسكن مشياً على الأقدام طمعاً في توفير قيمة الإجارة.
يقول إن التفكير اليومي بالمستقبل يستنزف طاقته، فهو يحاول جاهدا أن يخرج من قالب العوز الذي يخيم على أسرته، وأن ينتقل بها إلى بر الأمان والاستقرار. غير أن كل محاولاته تبوء بالفشل في مجتمع يعاني نصف سكانه من الفقر وانعدام فرص العمل.
ولم ينكر الشاب أنه فكر في الهجرة من قطاع غزة بفعل الظروف الاقتصادية المحبطة، غير أنه قال إن تكلفة السفر باهظة ولا يستطيع توفيرها، ولو كان يملكها لكان قد استثمرها في الإنفاق على أسرته.
واستكمل حديثه وهو يضع قبعة على رأسه: "في بعض الأحيان يكون شغلي الشاغل هو توفير المصروف اليومي لشقيقتي الصغرى التي تذهب إلى المدرسة مشيا على الأقدام رغم بعدها عن المسكن"، مشيرا إلى أن مستلزمات البيت من طعام وغذاء وعلاج تستنزف جيبه، وبخاصة بعد موجة ارتفاع الأسعار التي اصابت الكثير من السلع.
وينحدر الدعالسة من الطبقة الفقيرة أو المسحوقة، فيما اندثرت الطبقة الوسطى في المجتمع بفعل التحديات الاقتصادية وانعكاسات أزمة تقليص الرواتب على فئة الموظفين منذ العام 2017، والتي جعلت المجتمع منقسم إلى طبقتين إحداها كادحة والثانية برجوازية.
يحاول العامل الدعالسة التخفيف من مصاريف الوجبات السريعة، واستبدالها بتناول الأكل البيتي، مشترطاً على أسرته الاستدانة من البقالة للضروريات، ويمارس فعل الترفيه ليوم واحد في الأسبوع من خلال مرافقة أصدقاءه أو عائلته إلى شاطئ البحر الذي يعد المتنفس الوحيد لسكان القطاع المحاصرين منذ أكثر من 15 عاماً. ويقول إن هذا الاستجمام قد يصل تكلفته احياناً إلى مئة شيكل (ما يعادل 30$) لاسيما إذا تضمن وجبة عشاء.
وفي الكثير من الأشهر، يعجز الشاب الدعالسة عن دفع كثير من الفواتير المستحقة على كاهل أسرته، وهي موزعة بين فاتورة تلفون والإنترنت والكهرباء والخدمات. فضلاً عن فاتورة التسوق الأسبوعي، ومصاريف العطلة الأسبوعية التي تشتمل على مائدة طعام يوم الجمعة.
وعن المستقبل يقول، إنه يطمح إلى بناء مستقبل أفضل بأجر ذو قيمة كفيل بتغطية احتياجاته الأسرية، فضلا عن حلمه بالاستقلال وبناء بيت والزواج وتكوين أسرة، لكنه يبتسم ويقول: لست أعلم كيف ستحقق كل ذلك، ولكن على الأقل علي أن أحلام فالأحلام بالمجان".
إليكم قائمة بالمصروفات الشهرية: