APA
خلال السنوات الأخيرة ظهرت مشكلة "تآكل الشاطئ" البالغة الخطورة إذ تتهدد المنشآت والمنازل المُحاذية لشاطئ البحر في مدينةِ غزة بخطر الغرق، وذلك في بؤر عديدة من غزة وهي منطقة مخيم الشاطئ، الزهراء، دير البلح، والقرية السويدية في رفح.
في منطقة مخيم الشاطئ، حاول المواطنون على مدار السنوات السابقة، مواجهة أزمة تآكل الشاطئ، وازدياد اقتراب أمواج البحر على منازلهم، كما وضعت الجهات الحكومية المسؤولة وضعت حلولاً مؤقتة لمواجهة الظاهرة عن طريق وضع الأحجار والقطع الاسمنتية.
يقول المواطن حسني العجرمي (59 عامًا) إنَّ هذه الحلول لم تحلّ المشكلة بل إنَّ مدّ أمواج البحر باتجاه المنازل يتزايد؛ مطالبًا بحلول جذرية لمواجهة هذا الخطر في ظلّ تزايده أثناء فصل الشتاء تحديدًا.
وقد عانى العجرمي من غرق منزله عدة مرات سابقة وسط المنخفضات الجويّة وإنقاذ عائلته بمساعدة الدفاع المدني، فيما قام هو بشكلٍ فردي بتجهيز الحجارة الاسمنتية خارج منزله لتجنب ارتفاع الأمواج خلال فصل الشتاء رغم إدراكه أن هذا الحل غير مجديًّا.
لا يختلف الوضع كثيرًا عند المواطن إسلام الحملاوي (39 عامًا) الذي قال إنّه مع مرور الأعوام بدأ الشاطئ يختفي من قبالة المخيم، وبالتالي تأثرت البنية التحتية بشكل كامل، وازدادت أزمة الصرف الصحي، في ظلّ الوضع الاقتصادي السيء وتواضع الحلول.
وأشار الحملاوي إلى ارتفاع نسبة الرطوبة والأمراض التي تنتج عنها مقارنة بالأعوام السابقة، وتحديداً في فصل الشتاء، قائلًا: "لا يكاد منزل يخلو من الرطوبة التي تعدم الجدران، وتسبب روائح كريهة وأمراض في الجهاز التنفسي، وتجلب حشرات ضارة".
وأضاف أن الوضع الاقتصادي الصعب يجعل الناس غير قادرة على معالجة الجدران المتهالكة بفعل الرطوبة المفرطة.
من جهته، أفاد أستاذ البيئة وعلوم البحار في الجامعة الإسلامية بغزة، عبد الفتاح عبد ربه، بأنّ ظاهرة نحر الشواطئ بدأت في سواحل البحر الأبيض المتوسط منذ عدة سنوات، ولكن الوضع ازداد خطورة، مع تفاقمها وعدم نفع الحلول البديلة.
وبيّن عبد ربه أنَّ سبب هذه الظاهرة تداخل عدة عوامل بيئية ومناخية وبشرية، وأهمها عامل المناخ الذي تسبب بمشاكل جمة على مستوى العالم أجمع.
تتعرض سواحل البحر الأبيض في قطاع غزة، لعملية تآكل وانجراف في الشواطئ، بسبب ذوبان الجليد على مستوى العالم وبالتالي تحول المياه الصلبة إلى سائل، وبالتالي يتسبب بارتفاع منسوب البحر، وفق قوله.
وتسببَ ارتفاع منسوب البحر بامتداد الأمواج باتجاه اليابسة، في ظل وجود عددًا كبيرًا من المنازل القريبة نسبيًا من الشواطئ، ويعود ذلك إلى عدة أسباب مناخية أخرى، مثل التذبذب في هطول الأمطار والأمواج العاتية والعواصف والزوابع في المنخفضات بفصل الشتاء.
لقد أدّت العوامل السابقة إلى تآكل الرمال وجرف الشواطئ مع دخول المكونات الرملية والرسوبية إلى البحر، بحسب عبد ربه الذي أوضحَ أن ذلك ما أدى إلى تقدم المياه باتجاه اليابسة.
وتتفاقم خطورة هذه الظاهرة إذ تُهدِد الأراضي الزراعية والمنشآت السياحية والمنازل، التي تقع بالقرب من الشواطئ، خاصّة أن المياه وصلت إلى الخط الساحلي الممتد من شمال غزة حتى جنوبها.
وتطرق عبد ربه إلى وجود انبعاثات تصدر للهواء، وبالتالي تُسبِب تكاثف لبعض الغازات الدفيئة وحبس الحرارة في الغلاف الجوي، ما يسبب بعض الكوارث وأهمها إذابة الجليد في المناطق القطبية، وارتفاع منسوب المياه البحرية.
ونوّه إلى وجود وقعات خلال السنوات القليلة القادمة بانطماس بعض الدول على الخارطة السياسة والجغرافية في العالم، مثل بنغلادش وبعض المدن في الدول.
وقال: "مخيم الشاطئ أصبح لا شاطئ له، خاصة بعد وضع الجهات المعنية للقطع الإسمنتية قبل عشرات السنين، لحلّ مشكلة الانجراف البحري، لكن البحر ابتلع هذه الصخور والإسمنت".
وأكّد أن الخطر لا زال قائم ويهدد سكان مخيم الشاطئ بشكل كبير، في ظل الحلول المؤقتة التي باءت بالفشل، مشيرًا إلى أن الرطوبة تُسبِب مشاكل صحية لكبار السن، والأشخاص الذين يعانون من أزمات تنفسية، وقلبية، وبالتالي يصعب عليهم تحمل التذبذبات المناخية التي قد تسبب الوفاة لبعض الحالات.
ويرى أنَّ الحلول صعبة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي يشهده قطاع غزة، منوهاً إلى أن الحل يحتاج إلى مبالغ مالية كبيرة جداً للتعامل بشكل صحيح مع ظاهرة الانجراف البحري.
ووفقاً لعبد ربه، فإنّه في ظل المعطيات، يمكن الحدّ من ظاهرة الانجراف البحري باستخدام كواسر الأمواج على عمق 200 متر داخل البحر، لتخفف من حدة الموج وبالتالي تخف عملية التآكل البحري.
وقال في ختام حديثه، إن تآكل الشاطئ سيُدمر المنشآت ويقلل من عملية الصيد البحري وتدمير النظام البيئي، والاستجمام على شواطئ البحر التي تعد متنفس مهم لأهالي القطاع، إلى جانب تأثر المرافق السياحية والاستجمام.
يجدر الإشارة إلى أن قمة شرم الشيخ تفتتح أعمالها اليوم الأحد، تحت عنوان "لحظة فارقة" لمواجهة التغير المناخي تُفتح قمة تغير المناخ السنوية للأمم المتحدة، اليوم الأحد، وهي قمة عنونها البلد المضيف مصر بالــ "لحظة فارقة" في التعامل مع قضية التغير المناخي.
كما يتوجه أكثر 120 من قادة الدول إلى منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر، ويشارك نحو 30 ألف شخص في القمة التي ستستمر لأسبوعين.