في منشور استنكاري للصحفي سامي أبو سالم كتبه عبر فيسبوك قال فيه إنه استغرق ما يقارب 4 ساعات في تصوير مقابلة لا تتعدى مدة تصويرها ساعة واحدة، بسبب مكبرات الصوت التي كانت تظهر في خلفية المقابلة متسائلاً: متى سيتوقف هذا الإزعاج؟
فيما أرفقت المواطنة مروة محمد، أسعار الخضروات على حسابها على فيسبوك، بعد أن استيقظت من نومها على صوت البائع الذي ينادي بأسعار الخضار أمام بوابة العمارة السكنية التي تقطنها، كنوع من التهكم على هذا الإزعاج الدائم الذي تعاني منه هي وعائلتها وتمنعهم من النوم الهادئ.
وتشكل مكبرات الصوت مصدر شكوى لدى الكثير من الناس، لاسيما أولئك الذين لديهم مرضى أو أطفال، على اعتبار أن استخدامها لا يراعي الظروف الانسانية والأوقات المناسبة.
ويعرف قانون البيئة الإزعاج البيئي بأنه كل ما ينشأ من ضيق أو ضرر مادي أو معنوي عن الضجيج أو الضوضاء أو الاهتزازات أو الإشعاعات أو الروائح الناتجة عن نشاطات الإنسان أو المنشآت أو وسائل النقل وغيرها والذي يؤثر على ممارسة الإنسان لحياته الطبيعية و ممتلكاته.
واتخذ المجلس البلدي لبلدية غزة، خطوة منفردة دوناً عن باق بلديات القطاع البالغ عددها 25 بلديةً موزعة على خمس محافظات، بمنع استخدام مكبرات الصوت.
تأكيدا على هذا للقرار الصادر عن المجلس، قال حسين عودة مدير العلاقات العامة في بلدية غزة، لـ"آخر قصة" إن جرى تعزيز القرار بإجراءات ميدانية على أرض الواقع، من بينها تسيير دوريات تفتيش ميدانية مشتركة من طواقم البلدية وشرطة البلديات لضبط الباعة المخالفين غير الملتزمين بالقرار.
وأشار عودة في سياق حديثه مع "آخر قصة"، إلى أن القدرة على الضبط تزيد في الأسواق والشوارع العامة، وتتراجع في الشوارع الفرعية والمناطق المزدحمة، مقدراً عدد الشوارع في مدينة غزة بـ 3800 شارع.
ولو اتخذنا مدينة غزة نموذجاً وقلنا إن 10% فقط من الشوارع تتعرض لإزعاج يومي عبر مكبرات الصوت، فهذا يعني أن 380 شارع على الأقل يواجه فيه السكان ضوضاء بشكل يومي، نتيجة إفراط الباعة المتجولين في استخدام هذه الأجهزة المشغلة بالبطارية، مدللين على بضائعهم، في ساعات الفجر الأولى، أو أوقات متأخرة من الليل.
وتعتمد البلدية حسب عودة بشكل أكبر على تبليغات المواطنين على الرقم المجاني 115 والذي يعمل على مدار الوقت، ويضيف أبو عودة أن عملهم هذا يأتي ضمن دور البلدية في تنظيم المدينة.
وقال إن بلديته ستتخذ كافة الإجراءات اللازمة بحق المخالفين، إلى جانب مصادرة مكبرات الصوت المستخدمة، داعية المواطنين الى الإبلاغ عن أي حالات مخالفة بالاتصال على وحدة المعلومات والشكاوى عبر الرقم المجاني.
وتشير السيدة أم فريد بركات (70 عاماً) القاطنة في حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، إلى أنها تواجه ازعاجا يومياً يتعلق بمكبرات الصوت. وقالت: "الباعة لا يتوقفون عن المناداة طيلة الوقت، ولكن الأكثر إزعاجا هو استخدامها في أوقات النوم، سواء كان ذلك في ساعات الفجر أو حتى بعد الساعة 11 ليلاً".
وعبرت السيدة عن غضبها قائلة: "هل هناك أحد عاقل سيقوم لشراء خضار بعد الساعة الثانية ليلاً؟، وكيف تسمح الشرطة لمثل هؤلاء الباعة بالاستمرار بالتجول في الشوارع حتى منتصف الليل؟".
في المقابل، نفى بهاء الأغا مدير عام حماية البيئة في سلطة جودة البيئة بغزة، تلق إدارته أي شكاوى من المواطنين بالخصوص، مؤكدا أن غالبية الشكاوى تصل إلى البلديات بحكم اهتمامها بهذا الأمر.
ويأتي دور وزارة جودة البيئة، وفقاً للأغا، في التحقق من مستوى الإزعاج عبر قياسه من خلال أجهزة القياس الخاصة وإصدار إفادة للجهات المعنية فقط، مبيناً أن معظم الشكاوى التي تصل إلى الوزارة تتعلق بالمولدات الكهربائية والأدخنة المتصاعدة والروائح الكريهة التي يعاني منها المواطنون في بعض المناطق.
وينص القانون رقم 7 لسنة 1999م بشأن البيئة في المادة (26) على التزام جميع الجهات والأفراد عند تشغيل أية آلات أو معدات أو استخدام آلات التنبيه ومكبرات الصوت أو ممارسة أي نشاطات أخرى، عدم تجاوز الحد المسموح به لشدة الصوت والاهتزاز.
إزاء ذلك، دعا الخبير البيئي أحمد حلس إلى ضرورة، اتخاذ إجراءات صارمة تجاه كل من يتسبب في إزعاج للمواطنين الذين يفرون من ضجيج الحياة اليومية والزحام إلى بيوتهم، لأخذ قسط من الراحة، مؤكدا أن استخدام هذه المكبرات يعتبر انتهاكاً للحق العام.
وأشار حلس إلى أن الأثر الكبير الصحي والنفسي والبيئي الذي يتسبب به الباعة المتجولين خلال استخدامهم لمكبرات الصوت التي تقتحم أصواتها العالية النوافذ المفتوحة صيفاً، كبير جدا على السكان، مبيناً أنها تشكل إزعاجا لمختلف الفئات بما فيها الأطفال والطلبة والمرضى وكبار السن، "دون مراعاة لخصوصية الوقت والظروف والحق في الصحة العامة"، كما قال.