كان لدي أمل بمستقبل مشرق، وحياة مستقرة، ووظيفة أعمل بها وأتلقى راتبي في نهاية كل شهر، لكنّ الحياة لا تمنحنا دائما كل ما نتمناه أو نحلم به.
اسمي إكرام الفالح، أبلغ من العمر(38 عامًا)، أقطن في المنطقة الوسطى بقطاع غزة، متزوجة ولدي ثلاثة أطفال أتمنى أن ألبي كافة طلباتهم ورغباتهم الحياتية.
في عام 2008 تخرجت من كلية الهندسة بالجامعة الإسلامية، وبذلك اتسعت دائرة أحلامي فقد أصبحت مهندسة معمارية، حيث توقعت الحصول على وظيفة براتب جيد، كما كنت أحلم قبل الدراسة، غير أني بعد التخرج أصبت بالإحباط نتيجة انعدام الفرص.
في عام 2007، ونتيجة للتوترات في قطاع غزة، وتغير الحكم، فرض الاحتلال الإسرائيلي حصارًا صارمًا على القطاع. لم أكن وحدي الواقعة تحت الحصار، بل جميع السكان البالغ تعدادهم أكثر من مليون ونصف نسمة في ذلك الوقت.
الحصار، فرض علينا نحن الشباب تحديات كبيرة، خاصة ما تراجع حالة الوضع السياسي والاقتصادي، وانعكاس ذلك على أبسط أمور حياتنا، بل ربما هو من دمر أحلامنا التي آمنا بها منذ الطفولة، ومرحلة الدراسة الجامعية.
صحيح كان مفروضًا علينا التأقلم مع المتغيرات الحياتية والظروف بسبب الحصار الإسرائيلي، إلا أنّ ذلك كان على عموم المواطنين، أما عائلتي فقد أصابها أزمة داخلية نتيجة تدهور حالة زوجي الصحية، ولم يعد قادرًا على العمل، لأصبح أنا الأم والمعيل للأسرة.
حاولت الحصول على وظيفة، لأتمكن من توفير دخل ثابت للعائلة، لكن في كل مرة كنت أحصل على وظيفة أو عمل، كان لفترة محدودة وقصيرة، جميع الوظائف أصبحت عبارة عن عقود شهرية وأقصاها لمدة عام واحد، ومن يحصل على عقد عمل لأكثر من عام هو من المحظوظين القلائل من بيننا نحن جيل الشباب.
المهم أنّ الوظائف المؤقتة التي كُنت أحصل عليها، لم يكن راتبها الصغير يكفي إلا لتغطية الاحتياجات الأساسية للمنزل. استمر الحال حتى سمعت عن مشروع Anera Women Can المخصص لمساعدة من لديها مشروع صغير بحاجة إلى الدعم.
خلال المشروع تلقينا عدة تدريبات حول تطوير مهاراتنا الإدارية والمحاسبية، حتى تلقيت مبلغ 2600 دولار لبدء مشروعي الخاص. كنت أحلم بإنشاء مشروع صغير يوفر لي ولعائلتي دخلاً يلبي احتياجنا، وافتتحت متجر ألعاب وقرطاسية صغير قريب من المنزل.
عملت على استئجار محل صغير(حاصل)، وقمت بتجهيزه من حيث الدهان والمكتب والبضائع، وأصبحت أفتح متجري في الصباح وحتى الظهيرة، أعود لمنزلي لتناول طعام الغذاء مع أطفالي وزوجي وأخذ قسط من الراحة لأعود بعدها للمتجر حتى المساء.
بعد افتتاح المتجر، بدأت أشعر بنوع من التنظيم والاستقرار، حتى أنني سددت جزءً من ديوني المتراكمة. صحيح أنني أسمع بعض التعليقات السلبية من الآخرين، لكنّ ذلك لن يجبرني على النظر للخلف، ما يهمني هو أطفالي وتلبية احتياجاتهم دون العوز من أحد.
ما أفعله اليوم، ليس بهدف إعالة أطفالي الثلاثة فقط، وإنما لأكون مصدر إلهام لهم، وكلي أمل أن ينمو المشروع ويكبر، وأن يتبعني أطفالي في النجاح والمثابرة لتحقيق الاستقلال المادي.