في وقت يحاول فيه بعض الأشخاص من ذوي الإعاقة، إغلاق أبوابهم والانحباس داخل الغرف المغلقة، خرج فريق فني مكون من 18 فرداً موهوبا من ذوي الإعاقة، إلى النور عبر تقديم عرض مسرحي، باستخدام الأدوات المساعدة والأطراف الصناعية والكرسي المتحركة أيضاً.
اعتاد الفنانون الصعود إلى المسرح، بخطوات ثلاث، يتبعها انحناء ظهرٍ وابتسامة عريضة، كتحية للجمهور، غير أن منى الأشقر (31 عاماً)، اعتلت خشبة المسرح بمساعدة طرفها الصناعي، ورسمت ابتسامة على وجهها قبل أن تبدأ عرض الحكواتي.
فقدت منى قدمها وجزء من يدها اليسرى خلال العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014، وخلال العرض تحدثت عن تجربتها في التعامل مع المجتمع غير أن التوتر كان مسيطرا عليها فهي تخشى التقدم خطوة إضافية فتزَلَّ قدمها وتسقط أرضا، فالطرف الصناعي حديث التركيب لم يساعدها بعد على الوقوف بثبات.
والأشقر هي من واحدة من أعضاء فريق فني جميعهم فقدوا أطرافهم، وخاضوا تدريبا على مدار 6 أسابيع متتالية ضمن مشروع تجريبي تشترك في تنفيذه هيئات محلية ودولية.
تشير الفنانة الأشقر إلى أن تجربة الوقوف على المسرح أضافت لحياتها رونقا جديدا، "صحيح أن الأمر لم يكن هينًا، بل كان يحتاج لدعم دائم من العائلة، وقد حصل ذلك فعلا من خلال التشجيع بحضور التدريبات والعروض التجريبية".
وبين الفنانة الأشقر والفنانة نجاة البريم، تجربة واحدة تقريباً، غير أن الأخيرة فقدت قدمها نتيجة خطأ طبي، وقد أخذت الحياة على محمل الجد فاجتهدت وشاركت في التدريبات الفنية وصولاً إلى الصعود إلى خشبة المسرح بدعم وتشجيع من أسرتها.
البريم التي تبلغ من العمر 50 عاماً، وهي أم لعدد من الأطفال، قالت إنها تقطن في بناية مكونة من ثلاثة أدوار ولا تمتلك مصعد كهربائي، ورغم ذلك أثرت أن تشارك في هذا المشروع الفني، والذي بدأ بورشة عمل لسماع احتياجات ذوات الإعاقة والتعرف على قصصهم، وصولًا إلى تقديم عرضين مسرحيين.
الفنانة البريم وصفت في سياق حديثها مع "أخر قصة"، معاناتها مع التدريبات قائلة: "في الحقيقة الصعود إلى المسرح لم يكن هيناً، فالدرج المخصص للصعود والنزول تسبب لي في أكثر من مرة آلاما مزعجة نتيجة الطرف الذي اعتمد عليه، إلا أن مشاعري كانت مليئة بالفرح، وشعرت بأني أصنع إنجازا عظيما، استطعت كسر الحاجز الذي بيني وبين الناس".
ولفتت إلى أنها لم تستطيع النوم في الليلة التي سبقت العرض المسرحي الأول، خشية من عدم إتقان الدور، لكنها تمكنت من قديم عرض مميز من وجهة نظرها، على الرغم من أن الطرف الذي تعتمد عليه لايزال يشكل عائقاً أمام موهبتها الفنية، وبخاصة أنه يحتاج وقتاً للتركيب بين دور وآخر.
بدورها أوضحت منال بركات مخرجة عرض الحكواتي المسمى بـ"الطرف"، أن المشروع محاولة لإخراج المواهب الفنية داخل الأشخاص ذوي الإعاقة، مشيرة إلى أنهم عبروا عما داخلهم واستعرضوا قصصهم للجمهور دون حواجز أو خوف.
وقالت بركات: "تجاهل نظرات الناس وعباراتهم الجارحة ليس أمرا سهلا بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة، ولكن من خلال التدريبات التي بدأت بورش مغلقة، من ثم اتسعت لتشمل أشخاصا آخرين من خارج هذه الفئة، من أجل تمثيل قصص ذوي الإعاقة على المسرح، وسرد تفاصيلها بحكاية مُنمقة.