بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ قرابة 16 عامًا، وتراجع الوضع الأقتصادي للغالبية العظمى من فئات المواطنين في القطاع، ارتفعت نسبة الفقر والبطالة لأكثر من 50 %، وأنا واحدة من جيش البطالة، وأسرتي تعاني من الفقر.
اسمي سهى طلبة، في بداية العقد الثالث من العمر، متزوجة وأُعيل أسرة مكونة من 6 أفراد، المرض أقعد زوجي عن العمل، وأصبح طريح الفراش عاطلاً عن العمل، وتراجعت أحوالنا، ولم نعد قادرين على توفير الطعام لأطفالنا.
أذكر خلال تلك الفترة، وبسبب شدة الفقر، أصبح أطفالي يذهبون إلى المدرسة دون مصروف، مما تسبب ذلك في زيادة الأعباء اليومية عليّ كوني أصبحت المعيل الرئيسي للعائلة، لكن دون توفر عمل أتمكن من خلاله توفير دخل يومي أو شهري لإطعام أطفالي.
كنت أشعر بالألم كلما طالبني أطفالي بمصروف المدرسة، أو طهي نوع معين من الطعام لم أكن قادرة على توفيره، وبدأت أفكر في مخرج من تلك الحالة حتى نستطيع الاستمرار وتوفير متطلباتهم الحياتية من مأكل ومشرب وملبس، وفكرت، لماذا لا أستَغل موهبتي في التجميل؟
منذ الصغير لدي موهبة في استخدام أدوات التجميل بطريقة فنية، وكانت النساء من معارفي، الجارات والقريبات يطلبنّ مني مساعدتهنّ في وضع المكياج بالمناسبات والاحتفالات، كوني أمتلك الموهبة والذوق في اختيار الألوان المتناسقة والتي تخرجهنّ بأبهى صورهنّ.
فكرت، لماذا لا أفتح صالون لتجميل النساء، حتى أتمكن من توفير دخل لأسرتي، وبدأت البحث عن مؤسسات أو جمعيات قد تدعم المشروع والفكرة حتى يصبح الحلم حقيقة على أرض الواقع، ليُساعدني على تطوير منزلي ومَعيشتي ومعيشة أطفالي ودخلي المادي.
بعد السؤال والبحث، توجهت للمركز الفلسطيني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومؤسسة أوكسفام، وعرضت عليهم مبادرتي، والفكرة التي أود تنفيذها، وبعد نقاشات وتطوير لفكرة المشروع بشكل علمي وعملي، تلقيت دعم من الوكالة البلجيكية للتنمية (DGD) وأوكسفام، واستطعت افتتاح مشروعي الصغير في غرفة صغيرة بمنزلي.
وفرّ المشروع، الأدوات، والمعدات، وكميات من المكياج والكريمات، ومقاعد لاستقبال الزبائن، مع ديكورات بسيطة، واستطعت من خلال ذلك استقبال زبائني، الأمر الذي مكنني من توفير احتياجات المنزل والأطفال، وأصبحت قادرة على منحهم المصروف المدرسي، مما أدخل البهجة والسعادة على قلوبهم، كونهم شعروا بالمساواة بينهم وبين أقرانهم في المدرسة.
كما وفر المشروع قسيمة شرائية شهرية ولمدة 6 أشهر، الهدف منها توفير احتياجات المنزل الأساسية من مواد غذائية حتى يقف المشروع على قدميه، وأستطيع شراء أدوات تجميل بديل عن المستخدمة، لضمان استمرار المشروع وتوسيع عدد الزبائن.
بدأت حياتي بالتغيير شيئًا فشيئًا، وأعمل اليوم على إدخار المال حتى أتمكن من افتتاح صالون خاص باسمي في وقت قريب وفي منطقة أكثر انتعاشًا بالزبائن.