ربما المضايقات والاعتداءات اليومية على أرضنا، وبحثنا المستمر عن التطوير، هو الدافع الأساسي لما وصلت له اليوم. أنا المزارع "منصور شمالي"، أبلغ من العمر أربع وستون عامًا، متزوج، أعيل أسرة مكونة من ثمانية أفراد، من بينهم فتاة تعاني من إعاقة حركية منذ ولادتها. أسكن حي الشجاعية شرق مدينة غزة، ولديّ حقل زراعي مساحته 5 دونمات قرب السياج الفاصل.
بسبب موقع أرضي الزراعية، غالبًا ما أتعرض أنا وغيري العشرات من المزارعين وأصحاب الأراضي الزراعية القريبة من الحدود الشرقية لقطاع غزة، لمخاطر التعرض لإطلاق نار من قبل جنود الاحتلال المتمركزين على الحدود الشرقية بمحاذاة الحقل، أو اقتحام الآليات العسكرية للأراضي بدون سابق إنذار.
كما نتعرض لمخاطر رش أراضينا ومزروعاتنا بمبيدات سامة من طائرات إسرائيلية تطير على ارتفاعات منخفضة، هدفها الأول تدمير محصولنا الذي نعمل عليه طيلة أشهر، أو من خلال فتح السدود في فصل الشتاء، مما يؤدي إلى تكبدنا مخاسر فادحة أعتمد عليها في توفير احتياجات أسرتي طوال العام.
خلال العام الماضي، تم اختياري للاستفادة ضمن مشروع "تعزيز صمود صغار المزارعين والمجتمعات المتضررة من الأخطار الطبيعية والأزمات الممتدة والمتعددة الأوجه"، الذي نفذته الإغاثة الزراعية في قطاع غزة بالشراكة مع مؤسسة الديكوني الألمانية، لأزرع لأول مرة بتقنية الأنفاق البلاستيكية، والتي ساعدتني على تحسين الدخل ومواجهة بعض التحديات التي أعاني منها منذ سنوات.
في يونيو/ حزيران 2021، لجأت لزراعة البندورة مبكرًا عبرّ الأنفاق، وحصدت المحصول في أغسطس/ أب، وحققت من وراء تلك الزراعة عائد مادي مجدي، حيث أنّ تبكير زرعه البندورة (عروة الصيف) لم تكن لتنجح في ظل عدم امتلاك المدخلات الزراعية ولما كنا حققنا دخل من خلال الأسعار.
تبلغ تكاليف زراعة دونم البندورة 2000 شيقل بدون المدخلات، بينما بلغ صافي الربح حوالي 3000 شيقل، في حين بلغ إنتاج الدونم حوالي 4.5 طن. وفي نهاية موسم الصيف الماضي، زرعت الكوسا على "الريشت"، وبعد 3 قطفات من محصول الكوسا، الحمد الله جمعت ما صرفته على زراعتها، أما الباقي كان ربح حيث أنتج الدونم 2 طن تقريبًا.
وفي نفس العام وبالتحديد خلال أغسطس/ أب، زرعت أيضًا محصول القرنبيط بكمية محدودة عبر الأنفاق البلاستيكية، وعند تسويقها في نوفمبر/ تشرين ثاني كان سعر الرأس الواحد 5 شواقل، في حين زراعتها في الخريف، وتسويقها في الشتاء يكون سعر الرأس نصف شيقل فقط، وهنا كانت الاستفادة والعائد المالي الأوفر.
جاءت أهمية تقنية الزراعة بالأنفاق الزراعية، من قدرتها على تمكيني كمزارع في تبكير الإنتاج، والحماية من الأمراض والآفات، بالإضافة إلى توفير 70 % من كمية الرش بالمبيدات، وحمايتها من المبيدات السامة التي دأب جيش الاحتلال الإسرائيلي على رشها قرب الحقل خلال فصلي الشتاء والخريف.
خلال السنوات الأخيرة، ساهمت عدة مشاريع ومساعدات نقدية مشروطة للمزارعين بتحسين إنتاجنا الزراعي، إلا أنه في بعض الأحيان نفتقد توفير لوازم الزراعة في السوق أو نتفاجأ بارتفاع أسعارها في مواسم معينة ولعدة أسباب، أهمها رفض الاحتلال السماح بإدخالها للقطاع.