الحرب بترت قدم "صلاح" وليس أحلامه

الحرب بترت قدم "صلاح" وليس أحلامه

أنا الطفل الفلسطيني صالح أبو حميد، أبلغ من العمر 7 سنوات حاليًا، قبل عام بالضبط، وأثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 10 مايو 2021، تعرضت لإصابة في الساق، واضطر الأطباء لبتر قدمي اليمنى.

أذكر يومها، ذهبت للسوق مع والدي لشراء ملابس جديدة، كنت أحلم وقتها بقدوم العيد وتحضير ملابسي الجديدة كما كل عام، وأثناء تواجدنا في السوق، قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي هدفًا قريبًا، وكنا على مقربة منه، حيث تعرض جسدي الصغير للإصابة في يدي وفمي وساقي.

قبل الإصابة كنت أذهب للمدرسة على قدماي كما كلّ أطفال العالم، ألعب هنا وهناك مع أقراني، لم أواجه أيّ عوائق، كنت أحب لعب كرة القدم مع أصدقائي، لكن الاحتلال أفقدني حقي في اللعب كما السابق.

لم أعد أتمكن من السير أو اللعب، أصبحت جالسًا على مقعد صغير، كنت أشاد غالبية كبار السن يستخدمون كرسي متحرك شبيه له، لكنه أكبر حجمًا، أصبحت مثلهم، أجلس على الكرسي في المنزل، وأكره الخروج للمدرسة أو الشارع، أكره رؤية أصدقائي يلعبون كرة القدم وأنا مقعد.

كنت أشاهد أمي تنظر إليّ من بعيد بحزن، بعض الأوقات كانت تبكي في المطبخ بسبب حزني وبكائي. في عدة زيارات للطبيب، كُنت أسمعهم يقولون لأمي أنّ حالتي النفسية صعبة لكني لم أفهم ماذا يعني ذلك، وحتى اليوم لا أفهم، أنا فقط لا أحب الحديث أو رؤية أحد غير أمي وأبي.

اليوم أصبحت أفضل حالاً من السابق، قبل فترة قصيرة ذهبت إلى طبيب، هناك أخذوا قياسات لساقي وبعد أيام أحضروا لي قدمًا بلاستيكية، يقولون اسمها "طرفًا صناعيًا"، أضعها مكان ساقي المبتورة، وأمشي. في البداية واجهت صعوبة في الحركة، لكنّ الطبيبة وأمي ساعدوني بتعلم المشي عليها، شيئًا فشيئًا حتى بدأت التعود عليها أكثر.

أحببت العودة للذهاب إلى المدرسة وأنا أمشي على ساقيّ كما أصدقائي، أحاول التعود أكثر حتى أستطيع اللعب معهم كرة القدم مرة أخرى، أشتاق للعب كثيرًا. المشكلة أن أمي ليست سعيدة كما السابق، لازالت حزينة بعض الشيء، وبعض الأوقات أجدها تسرح وهي تنظر إلى قدمي الصناعية.

بالتأكيد سعيدة أمي بعودتي للمشي وتركيب الطرف الصناعي، لكن قد تكون معاناتي مشاكلي لن تحل بوجودها ولهذا أمي مازالت حزينة بعض الشيء. ما رأيكم أنتم؟

في مرة سمعت أمي وأبي يتحدثون بصوتٍ منخفض، شيء حول معاقبة الاحتلال الإسرائيلي على فعلته، وما أصابني، وأتمنى أن يكون كلامهم صحيحًا، يجب أن يعاقبوا، أنا طفل صغير ولم أفعل لهم شيء، لماذا فعلوا بي هكذا؟ لماذا أخذوا قدمي؟ لماذا بُترت قدمي أنا وعشرات الأطفال الصغار خلال العدوان؟