هكذا تكافح "هبة" من أجل أطفالها

هكذا تكافح "هبة" من أجل أطفالها

أنا هبة أبو غانم أبلغ من العمر (38 عاماً)، أعيش مع أسرتي كبيرة العدد برفقة أبنائي الثلاثة في مدينة غزة، في وضع اقتصادي مزري، لم يكن لدينا غسالة وكنا نجلس لتناول طعامنا على بلاط الأرض، في الوقت الذي اضطررت لتحمل أعباء إعالة الأسرة.

قبل سنوات، اضطررت التخلي عن حلمي بإكمال تعليمي الجامعي، بعدما أجبرني والدي على ذلك بسبب شُح العمل، وتراجع دخله، مقرراً التركيز على تعليم شقيقي الأصغر. عرفت وقتها أنه ليس لدي خيار للخروج من حالة الفقر إلا بشق طريقي وحدي، لكن لم أتمكن من ذلك في حينها.

بعدما توقفت عن التعليم، كنت أتعرض لعنف أسري شديد في منزل العائلة، وكان الجميع يفرغ طاقته السلبية اتجاهي وحدي، وكأنني أنا السبب في الظروف الصعبة التي نمر بها، الأمر الذي اضطرني لقبول الزواج هروباً من العنف الأسري.

اعتقدت أن الحالة ستكون أفضل، لكنني كنت مخطئة في التقدير. وبعد مرور خمسُ سنوات على زواجي، وانجابي لطفلتين، تحملت خلالهم تعرضي للضرب والإهانة من زوجي، وأسرته، واهانة كرامتي كإمرأة لها كيانها، لم أستطع الاستمرار بتحمل ذلك.

قررت طلب الطلاق من زوجي، والعودة إلى منزل أسرتي برفقة بناتي، كُنت أعلم أنني سأضطر لتحمل الاعتناء والانفاق عليهم وحدي، لكنني اضطررت بالاعتناء بكامل الأسرة، والدي كان يبلغ من العمر 85 عاماً، بينما والدتي مقعدة على كرسي متحرك، وشقيقي المتعلم، لم يسأل بهم.

لم تكن الحياة سهلة، بدأت العمل في صناعة المأكولات والأطعمة المنزلية وبيعها، في محاولة لتوفير المال والمصروف المنزلي، لأتمكن من الاعتناء بأسرتي المكونة من 12 فرداً، بعدما وجدت نفسي المعيل الوحيد لهم.

فيما بعد، تزوجت للمرة الثانية، كنت معتقدة أنني سأتخطى تجربتي الأولى، لكنها استمرت بمطاردتي حتى بعد زواجي، وبسبب العنف المنزلي والاعتداء عليّ بالضرب أثناء فترة حملي بطفلي الثالث، قررت الطلاق، والعودة مرة أخرى لمنزل الأسرة طفلتين، وطفل يتحضر لقدوم.

عاودت العمل وحدي، في محاولة مني لتأمين مصروف أطفالي والأسرة، إلا أن انتشار فيروس كورونا، إزداد الأمر سوءً. كان عملي يستند في المقام الأول بتقديم الأطعمة والوجبات لحفلات الزفاف والمناسبات، التي مُنعت إقامتها بسبب الوباء، مما أفقدني مصدر دخلي الوحيد.

خلال تلك الفترة، اضطررت للاستدانة، وتراكمت الديون لبائع الخضار والفواكه، والبقالة، لم أعد قادرة على الخروج للشارع بسبب مطالبة الجميع بالمديونيات المتراكمة، وعدم قدرتي بالعودة للعمل مرة أخرى بسبب عدم امتلاك أي مبلغ مالي يمكنني من شراء المواد الأساسية.

اعتقدت أنّ الحياة توقفت هنا، وربما سأفقد أطفالي أو أحد أفراد أسرتي لسوء التغذية، إلا أن استفادتي من برنامج للدفع النقدي نفذته منظمة أوكسفام، لمساعدة الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم ووقعوا في خانة الفقر المدقع خلال الجائحة، على خمس دفعات مالية، أعادت لي الأمل، وأنقَذتني من حالة الاكتئاب والتهرب التي كنت أمر بها.

عندما تلقيت الدفعة النقدية الأولى، شعرت بسعادة غامرة، ولم أصدق ذلك. لم يكن لدينا ما نأكله في المنزل، ذهبت للتسوق لشراء الخضروات، والفواكه ، والدجاج وحتى الملابس، لوالديّ وأولادي، وسددت جزءً من الديون المتراكمة للبقالة. أما على الدفعة الثاني، قررت شراء غسالة وبعض الفرشات والأغطية.

تحدّيت الكثير من الصعاب، والظروف الحياتية الصعبة، ولا زلت أحلم بتأمين حياة كريمة لأطفالي وتربيتهم بشكلٍ جيد ليكونوا أقوياء، قادرين الدفاع عن أنفسهم وحقوقهم.