عندما كان يباهي الطهاة ومشاهير #انستقرام بأكلات اللحوم، كانت تنام مئات الأسر في قطاع غزة متخمة بـ«الفلافل». هناك علاقة وطيدة بين أمعاء الفلسطينيين وهذه الأكلة الشعبية الأكثر شهرة ورواجاً، وبخاصة في المخيمات والأحياء الأشد فقراً.
معروفٌ أن المخيمات لا تنام باكراً، لذا يستمر باعة «الفلافل» بالعمل حتى منتصف الليل، ويستيقظون فجراً بعد قسط بسيط من الراحة لإعداد وجبة الصباح، فالناس يتوافدون إلى تلك المحلات الصغيرة من أجل إشباع جوعهم بثمن زهيد لا يتجاوز ربع دولار.
حين أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في الخامس والعشرين من أغسطس الماضي عن انتشار جائحة #كورونا في غزة، أغلقت تلك المحلات أبوابها انصياعاً لأمر وزارة الداخلية بفرض حظر التجوال، وصار جزء كبير من سكان المخيمات يشبعون جوعهم بوجبات أخرى كـ«الزعتر» مثلاً.
مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، هو واحد من أكثر المخيمات الخمس بؤساً على مستوى القطاع، نظراً لتجاوز مستوى البطالة بين سكانه حاجز الـ 56%. يقطنه 32 ألف لاجئ، ومن النادر جداً أن تجد أحداً منهم لم يتناول قرص «فلافل» في حياته.
تفرض السلطات الأمنية طوقاً أمنياً مشدداً على المخيم منذ نحو أسبوع، نظراً لوجود عشرات الحالات المصابة بالفيروس بين السكان، وتصنفه وزارة الصحة الفلسطينية كمنطقة حمراء «موبوءة». على أثر ذلك أغلقت أبواب نحو 40 محل لبيع «الفلافل».
الحفاظ على «الفلافل» كأكلة شعبية بالنسبة لأهالي المخيمات، كالحفاظ على واحدة من أدوات الصراع ضد الاحتلال الإسرائيلي، إذ ادعت إسرائيل أن «الفلافل» تعود لهم، مبررين حجتهم بأن اليهود الأوائل في مصر هم من كانوا يعدوها قبل ذهابهم إلى «أرض الميعاد»، ولم يكتفوا بذلك بل أصدروا طابع بريد عليه صورة الفلافل والعلم الإسرائيلي.
ينفي سكان المخيم، تأثرهم بجائحة #كورونا، على اعتبار أن أمعائهم «حديدية» كما يصفونها، فالمعدة التي تطحن «الفلافل» يومياً لا يمكن لفيروس أن يفتك بها، والكلام لهم. يكافح العلماء لأجل ابتكار علاج لـ #كورونا، بينما لا يزال بعض سكان المخيم ينادون بفتح محلات «الفلافل» بصفته الدرع الواقي لمواجهة الجائحة والجوع معاً.