غزة: صيد «السمان» لا يغني من جوع

غزة: صيد «السمان» لا يغني من جوع

يقيم الفلسطيني محمد صيام، شباك صيد معلقة على أعمدة خشبية بموازاة رصيف شارع الرشيد غرب مخيم دير البلح وسط قطاع غزة، استعداداً لاستقبال طلائع موسم طير «السمان» المهاجر.
يرث محمد «37 عاماً»، هذه المهمة عن أبيه الذي كان يصحبه في مهمات الصيد. ثم أصبح صديقاً لهذا النوع من الطير الذي يقطع آلاف الكيلومترات عبر البحر المتوسط في طريق هجرته السنوية من أوروبا بحثاً عن مناطق الدفء.
مع انتصاف شهر أغسطس من كل عام يبدأ محمد وغيره العشرات من صيادي طائر «السمان»، عزلتهم. يقول الرجل وهو ينفث دخان سيجارته في صباحٍ شديد الرطوبة: «لقد اعتدت على هذه الممارسة منذ زمن طويل، صيد السمان بالنسبة لي أصبح عادة أكثر منه مصدر رزق».
قال الصياد، إن عملية تثبيت المناصب تتم بمد الشبكات على أعمدة مجزئة لمسافة من 20 إلى 50 مترا لكل جزء بارتفاع نحو مترين، وبينها مسافات تصل لنحو 5 أمتار تقريباً، ليصبح الطير في مرمى الشباك أثناء انتقاله من الماء إلى اليابسة.
يبدأ عمل صيادي «السمان» قبيل شروق شمس كل يوم وحتى مضى نحو نصف ساعة من الشروق، وهو وقت عبور الطير المهاجر. في هذه الفترة يكمن الصياد «صيام» على الناصية الغربية للطريق المطل على شاطئ البحر، وفور سقوط الطائر في الشباك يسارع لالتقاطه ووضعه في قفص.
في أغلب الأوقات يحمل الصياد القفص ويذهب سيراً على الأقدام بين أزقة المخيم، متجها إلى بيته من أجل البدء بتحضير وجبة غذاء دسمة لأطفاله الستة. يقول وهو يزم شفتيه: «لقد كنا في الأعوام السابقة نقوم ببيع غالبية الطيور، غير أن موسم الصيد شحيح هذا العام، ولهذا أفضل أن أطعمها لأطفالي على بيعها لأن عائدها لم يعد مجد».
وتلعب العوامل الجوية والبيئية دورًا كبيرًا في انخفاض وصول هذه الطيور إلى غزة، في ظل ازدياد الزحف العمراني وقلة المساحات الزراعية.
الغريب في الأمر أن موسم الصيد هذا والذي يستمر لنحو شهرين متتاليين، لا يضبطه أي لوائح من قبل الجهات المعنية بشؤون البيئة، وعلى مَرْأىً من الناس الذين يمرون عبر الشريط الساحلي الممتد بطول «40كم».
تنص المادة (41) في قانون حماية البيئة الفلسطيني الصادر عام 1999 أنه «يحظر صيد أو قتل أو إمساك الطيور والحيوانات البرية والبحرية والأسماك المحددة باللائحة التنفيذية لهذا القانون، ويحظر حيازة هذه الطيور والحيوانات أو نقلها أو التجوال بها أو بيعها أو عرضها للبيع حية أو ميتة، ويحظر إتلاف أوكارها أو إعدام بيضها».
خبير البيئة الدكتور عبد الفتاح عبد ربه يفسر هذه الحالة قائلاً: «القوانين المعمول بها في الأراضي الفلسطينية، والتي تتعلق بالبيئة وحمايتها، لم تحدد أي لوائح قضائية، وهي غائبة عند التنفيذ بشكل عام. هذا بدوره سمح بارتفاع معدلات الصيد الجائر في فلسطين.