وكالة وفا
قبل 22 عاما حطت طائرة "بيونغ" على مشارف قرية الباذان شمال شرق نابلس، بعد أن اشتراها التوأم عطا وخميس الصيرفي، لتكون مطعما ضمن مشروع سياحي ضخم في فلسطين؛ لكن الظروف التي رافقت اندلاع انتفاضة الأقصى، حالت دون ذلك.
في الثلاثين من شهر تموز عام 1999، نقلت الطائرة التي يصل وزنها 120 طنا، بحرفية عالية بواسطة رافعات ثقيلة لتصل الى محطتها الأخيرة، على مشارف المدخل الشرقي لمدينة نابلس، فأصبحت معلما من معالم المنطقة، إلى جانب "صخرة الموت" القريبة من المكان.
بعد انقضاء هذه السنوات، اعاد التوأم الصيرفي العمل على ترميم الطائرة وتجهيزها من الداخل والخارج، وتهيئة محيطها، لتحقيق حلمهما القديم، فافتتاح مطعم داخلها، يحاكي أحد التجارب في اليابان.
ويقول الصيرفي (60 عاما) لمراسل "وفا"، "بعد جلب الطائرة لتكون ضمن مشروع سياحي ومدينة ملاهٍ، اعاقت الظروف، التي نتجت خلال وبعد اندلاع انتفاضة الاقصى، تنفيذ المشروع الذي وصلت تكلفته حتى اللحظة نحو 950 الف شيقل".
ويضيف "نفذنا مشاريع حيوية كثيرة في المدينة والتي كانت بدايتها في الجانب السياحي، ومنها ما هو مستمر مثل القطار السياحي الذي يمكن مشاهدته في المدينة".
ويتابع " كانت هناك عدة عوائق حالت دون الاستمرار في المشروع، وكان هناك اقتراحات بنقل الطائرة من مكانها؛ لكن وجدنا أن تكلفة نقلها تصل لنحو 120 ألف دولار، وعبر شركات اسرائيلية كون الشركات الفلسطينية لا تملك الرافعات التي يمكنها حمل وزن هذه الطائرة".
ويصل طول الطائرة الى 50 مترا، وعرضها 50 مترا مع الجناحين، وتكبر الطائرة الموجودة في اليابان بأكثر من ثلاثة امتار من حيث الابعاد والحجم.
ويشير الى انه عقب انتهاء عقد الايجار للأرض الموجودة فوقها الطائرة مع احدى الشركات الكبرى، العام المنصرم، جرى التفكير في ترميم الطائرة من جديد وافتتاحها كمطعم سياحي؛ لكن تبقى مشكلة وجود مجمع للنفايات قربها، والذي سيتم ازالته بالتعاون مع بلدية نابلس قبل افتتاح المشروع".
"وتتسع الطائرة لنحو 120 شخصا، وبنظام يحاكي الانظمة الموجود في الطائرات المتعارف عليها، مع اضافة اقسام خاصة للزبائن، الذين يفوق عددهم اربعة اشخاص، من خلال حجز اجنحة خاصة بهم"، يقول الصيرفي.
ويتوقع الصيرفي الانتهاء من اعمال تأهيل الطائرة والموقع المحيط بها خلال شهر، مؤكدا انه سيتم طلاء هيكلها الخارجي بعلمي فلسطين والاردن تعبيرا عن قوة العلاقات التي تجمع البلدين، وسيطلق عليها اسم "مطعم الطائرة الفلسطينية الأردنية".
ويرى أن المشروع سيكون له وقع كبير في نفوس الكثير من الفلسطينيين الذين حرموا تجربة الطيران، بعد ان دمر الاحتلال مطار غزة الدولي، فهذه تجربة ليعيشوا حلمهم ولو على الارض.
التوأم الصيرفي المعروفان في نابلس، بوجه الشبه الكبير بينهما، حتى انتقائهما للملابس المتشابهة التي يرتديانها، وتواجدهما الدائم مع بعضهما، نفذا عدة مشاريع في مدينة نابلس، كان آخرها مشروعي اعادة تدوير النفايات واستغلالها، والقطار السياحي.
قطاع السياحة في فلسطين تكبد خسائر كبيرة، بفعل ممارسات الاحتلال الذي يتحكم في المعابر والحدود، وينشر الحواجز داخل الاراضي الفلسطينية، ويضعف من قدرات الاستثمار في قطاع السياحة والخدمات الداعمة له، إضافة الى التوسع الاستيطاني المتسارع، الذي طال الكثير من الاراضي، وتسبب بهدم عدد من المشاريع السياحية وايقاف العمل بها.
مدير دائرة السياحة في نابلس حسان اشتية، يؤكد أن قطاع السياحة من أكثر القطاعات المستهدفة من قبل الاحتلال؛ والذي يتأثر بشكل كبير بأية مواجهة في المنطقة، والاحتلال يحرض السياح دائما بعدم دخول مناطق السلطة الوطنية بدعوى انها غير آمنة، لكن عند وصول الزائر الى المناطق السياحية يجد عكس ذلك، وينقل صورة ايجابية مغايرة عن التي يسوقها الاحتلال.
ويشيد اشتية بمشروع المطعم الطائرة، الذي يقع قرب الباذان باعتباره معلما سياحيا مهما، مؤكدا ان الفكرة فريدة من نوعها ورائعة وكان المفروض أن تنجز قبل 22 عاما، لكن في اللحظة التي كان التوأم الصيرفي يستعدان لتهيئة الطائرة كمطعم، تغيرت الظروف وتسببت الإجراءات الإسرائيلية بعرقلة تنفيذها.
ويقول "المواطن بشكل عام يبحث عن مكان آمن لقضاء وقت فيه، والاحتلال حاول بكل الطرق من حواجز واجتياحات، حرمان المواطن الفلسطيني من الأمن".
ويضيف اشتية، "سندعم هذه الفكرة عبر الترويج لها كمكان سياحي وادراجها على الخارطة السياحية وتعميمها على المكاتب السياحية، باعتبارها مكانا مؤهلا وجاهزا لاستقبال السياح، وذلك بمجرد الحصول على التراخيص اللازمة من قبل المستثمر".
وتابع ان وزارة السياحة والاثار أطلقت من مدينة بيت لحم برنامج "جاهزين" لدعم العاملين في المطاعم والفنادق؛ تشجيعا ودعما لصمود القطاع السياحي في محافظات الوطن؛ بعد الخسائر التي لحقت بهذا القطاع بفعل جائحة "كورونا".