تتعرض النساء والفتيات في مناطق الصراع والحروب كالأراضي الفلسطينية عموما وقطاع غزة على وجه الخصوص، وكذلك السودان أيضاً، لتحديات وظروف صعبة تفاقم التمييز وعدم المساواة بين الجنسين.
ولا يعد تعزيز المساواة بين الجنسين في هذه المناطق الآنفة وغيرها، ضروريًا لأجل تحقيق العدالة الاجتماعية فحسب، بل هو أيضًا عنصر أساسي لتحقيق السلام المستدام والتنمية. لذلك أثرنا أن نغوص في هذا المقال في عمق الأفكار التي يمكن من خلالها أن نساهم في تعزيز المساواة بين الجنسين في مناطق النزاع.
وطبقاً لما تشير إليه الأبحاث العلمية ذات العلاقة بواقع المرأة في المناطق التي تشهد نزاعاً وصراعات محتدمة، فإن في هناك جملة من السبل التي تدفع باتجاه تعزيز المساواة ويأتي في مقدمتها:
أولاً: تمكين النساء والفتيات من التعليم
يعتبر التعليم هو أحد أهم الأدوات لتحقيق المساواة بين الجنسين. في مناطق النزاع، حيث تتعرض الفتيات اللواتي يرغبن في مواصلة تعليمهن إلى الخطر لاسيما في المناطق الخطرة، فضلا عن عمليات النزوح والظروف الأمنية الصعبة، لذلك يجب توفير الفرص التعليمية لجميع الأطفال، بغض النظر عن جنسهم، من خلال:
إنشاء مدارس آمنة: يمكن أن تكون هذه المدارس متنقلة أو في أماكن مؤقتة.
تقديم الدعم النفسي والاجتماعي: لمساعدة الأطفال على التغلب على الصدمات النفسية التي تسببها النزاعات.
تقديم المنح الدراسية والمساعدات المالية: لمساعدة العائلات على تحمل تكاليف التعليم.
ثانيا: تعزيز المشاركة السياسية والاجتماعية للنساء
لتحقيق المساواة بين الجنسين، يجب أن تشارك النساء في صنع القرار على جميع المستويات. ولأجل تحقيق ذلك لابد من القيام بالخطوات التالية:
تمثيل النساء في الهيئات الحكومية والمحلية: ضمان تخصيص حصص محددة للنساء في الهيئات المنتخبة.
تعزيز المنظمات النسائية: دعم المنظمات التي تعمل على تمكين النساء وتعزيز حقوقهن.
التوعية بأهمية مشاركة النساء: من خلال حملات إعلامية وبرامج توعوية.
ثالثا: توفير الرعاية الصحية الشاملة
الرعاية الصحية الشاملة تلعب دورًا حيويًا في تعزيز المساواة بين الجنسين. في مناطق النزاع، حيث تحتاج النساء إلى خدمات صحية خاصة تشمل:
الرعاية الصحية النفسية: لمساعدة النساء على التعامل مع الصدمات النفسية التي قد يتعرضن لها.
الرعاية الصحية الإنجابية: لضمان حصول النساء على الرعاية اللازمة أثناء الحمل والولادة.
برامج التوعية الصحية: لتثقيف النساء حول حقوقهن الصحية وكيفية العناية بأنفسهن وأسرهن.
رابعاً: مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي
مما لاشك فيه أن العنف ضد النساء والفتيات يتفاقم في مناطق النزاع والحروب، مما يتطلب استجابة قوية وشاملة على النحو التالي:
إنشاء مراكز دعم وحماية: لتقديم المساعدة الفورية للنساء اللاتي يتعرضن للعنف.
تدريب قوات الأمن: على كيفية التعامل مع قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي بشكل حساس وفعّال.
حملات توعية: لنشر الوعي بأهمية مكافحة العنف ضد النساء وتشجيع الضحايا على التبليغ عن الجرائم.
خامساً: توفير فرص العمل والتمكين الاقتصادي
التمكين الاقتصادي هو خطوة أساسية نحو تحقيق المساواة بين الجنسين. في مناطق النزاع، لذا من الواجب العمل على ما يلي:
تقديم الدعم المالي والتدريب المهني: للنساء لمساعدتهن في بدء مشاريعهن الخاصة أو تحسين مهاراتهن.
تشجيع الشركات والمؤسسات: على توظيف النساء وتوفير بيئة عمل داعمة.
دعم الأعمال الصغيرة: من خلال تقديم القروض والمنح للنساء الراغبات في بدء أعمال تجارية.
سادسا: تعزيز الإطار القانوني وحماية حقوق النساء
الإطار القانوني يلعب دورًا مهمًا في حماية حقوق النساء وتعزيز المساواة بين الجنسين. يجب العمل على:
إصلاح القوانين والتشريعات: لضمان حصول النساء على حقوق متساوية في جميع المجالات.
تطبيق القوانين بحزم: لضمان حماية النساء من العنف والتمييز.
توعية النساء بحقوقهن: من خلال برامج تعليمية وتدريبية تقوم عليها مؤسسات ذات كفاءة بالاستعانة بخبرات مختصين وناشطات محترفات.
بناء على ما تقدم، فإن تعزيز المساواة بين الجنسين في مناطق النزاع يتطلب جهودًا متضافرة وشاملة تشمل التعليم، المشاركة السياسية، الرعاية الصحية، مكافحة العنف، التمكين الاقتصادي، والإطار القانوني. من خلال تنفيذ هذه التوجيهات وغيرها أيضاً، يمكن تحسين حياة النساء والفتيات وتحقيق تقدم كبير نحو مجتمع أكثر عدالة ومساواة، مما يساهم في تحقيق السلام والتنمية المستدامة.
زوجان فلسطينيان هاربان من الحرب