المحاربون لا يتراجعون عن معاركهم.. "محمد عليوة" نموذجٌ

المحاربون لا يتراجعون عن معاركهم.. "محمد عليوة" نموذجٌ

ذاك الولد الشقي الذي ترك المدرسة باكراً واتجه نحو الأعمال الحرفية، وانخرط في صناعة الأثاث وهو لم يتجاوز الستة عشر عاماً، فقد ساقه في نوفمبر 2018، خلال مشاركته في احدى المواجهات ضد جيش الاحتلال شرق مدينة غزة.   

رقد الولد ويدعى "محمد عليوة" على سرير المشفى لبضعة أشهر، وقد فقد الوالدان والأسرة الأمل في استعادة شقاءه بعدما كانت تعاني من فرط حركته داخل وخارج البيت الواقع في حي الشجاعية شرق مدينة غزة.  

غير أن "الأشقياء لا يعطون مساحة للتراجع عن شقاوتهم"، هكذا يقول محمد وهو يبتسم ابتسامة عريضة كشفت أسنانه، قال ذلك بعد أن استعاد حيويته وانعتق من كآبة سرير الجرحى، بفعل اصطحابه المتكرر عبر أصدقاءه إلى أماكن الترفيه، في محاولةٍ منهم لإخراجه من حالة التفكير في ساقه المبتورة.

يضيف محمد وهو يستذكر الحادثة: "في التاسع من نوفمبر 2018 كنت قد شاركت رفاقي في مسيرات العودة التي انطلقت باتجاه الحدود، ووقتها أطلق أحد الجنود النار علي بشكل مباشر وأصابني بطلق ناري متفجر أسفل ركبة ساقي اليمنى.. لقد مررت بوقت عصيب وكنت أشعر بالكآبة، غير أني رفضت البقاء على هذا النحو وتخلصت من الحزن بمساعدة أصحابي".

بعد تعافي الجرح، بدأ محمد بالبحث عن سبل العودة إلى الحياة الطبيعية التي كان يعيش تفاصيلها قبل الإصابة، والتي تمثلت في الذهاب إلى مركز التدريب المهني التابع لـ(الأونروا) لتعلم مهنة النجارة، ومن ثم العودة مساء إلى الملعب لممارسة هوايته في لعبة كرة القدم، غير أنه اصطدم بالواقع، وبدأ يغير من طريقة تفكيره.

توقف محمد عن الدراسة والعمل معاً بفعل ظروفه الصحية، لكنه واصل ممارسة الرياضية، منتقلاً من ملعب إلى أخر ومن ساحة رياضية إلى أخرى، حيث مارس بداية كرة القدم، ثم اتجه إلى كرة السلة، ومؤخرا انضم إلى فريق رياضة الباركور.

قال الشاب بعد أن رفع خصلات شعره عن عينيه لـ"آخر قصة": "الرياضة ليست مجرد هواية ولكنها حلم رافقني منذ صغري بأن أكون نجماً رياضياً، ولهذا عدت إلى الملاعب، فالمحاربون لا يتراجعون عن معاركهم".

يشارك محمد 5 فرق رياضية أخرى، وكل فريق يحتوي من 15-20 شخصاً من ذوي الإعاقة، وجميعهم كسروا كل الحواجز واستطاعوا أن يصنعوا فارقاً في حياتهم عبر مواصلة المشوار الرياضي.

جل طموح المحارب محمد الآن، هو الحصول على طرف رياضي، كي يمكنه من اللعب مثل الأصحاء، وكذلك حتى يمارس رياضة الركض ويشارك في الماراثونات، متمنياً على الجهات المسؤولة تبني هذه الطاقات وتنمية مهاراتها وقدراتها ومساعدتها في تجاوز محنتها وصولاً إلى العالمية.