آخر قصة
اشتعل الشيب في رأس الحاج أبو حمدي القدومي، لكن ذلك لم يمنعه من مواصلة مهنته في إعداد الكنافة النابلسية ومشتقاتها منذ نحو خمسة عقود.
يعتاد الناس على تناول الكنافة كإحدى أنواع الحلويات الفلسطينية الشهيرة، بالملعقة، غير أن أبو حمدي يقول إن هناك أشخاص يتناولونها كشطيرة.
يقف الرجل صاحب الشارب الكبير وسط محل الأقصى لبيع الحلويات بمدينة نابلس: ويلتف حوله الزبائن، أحدهم يطلب الكنافة في طبق بلاستيك ويتناولها بالمعلقة، وآخرون يطلبونها على هيئة شطيرة.
قد تبدو الفكرة غريبة بعض الشيء، لكن للناس فيما يأكلون مذاهب. تعالوا نتعرف على قصة صناعة الكنافة لدى أبو حمدي:
يقول قدومي: بدأت قصتي مع الكنافة والحلويات قبل نحو 50 عاماً، وتعلمت هذه المهنة من والدي، كنت حينها ابن 12 عاماً، حينما بدأت بصناعة الحلوى، وتعرفت على «أصول الصنعة» وأصبحت اليوم أقدم «حلونجي» في أشهر مدينة فلسطينية تصنع الكنافة.
ويضيف وعلى وجهه ابتسامة عفوية: «قديماً، كنا نصنع الحلوى على النار والحطب، في الأفران العربية، ولم يكن هناك غازات، أما العجينة فكنا نحضرها على أيدينا».
يتابع: «للكنافة وغيرها من الأصناف، سر واحد، وهو اليد وطريقة التحضير، وليس المواد التي نستخدمها»، وينتج أبو حمدي العديد من أصناف الحلويات، من بينها: زنود الست، كعب الغزال، عش البلبل، صرّة بنت الملك، البلوريّة، البقلاوة، الفطير، المدلوقة، غير أن الكنافة هي ذائعة الصيت.
ويبوح القدومي ببعض من أسرار الكنافة: «نحضّر السمنة الجامدة، ونضعها في سدر كبير، ونضيف لها الصبغة، ونخلطها معاً، ثم نأتي بالعجينة الناعمة أو الخشنة، ونضع فوقها الجبنة، ولاحقاً نقلبها في وعاء أكبر، ونزينها بالفستق الحلبي، ونضيف لها القطر، ثم نقدمها للزبائن».
ولا يمكن أن تكتمل زيارة نابلس المعروفة بـ«دمشق الصغرى» دون تناول طبقها الأشهى على الإطلاق، فرائحة الكنافة النفّاذة التي تعبق بسوق «خان التجار» القديم، تجبرك على التوجه فوراً لالتهامها.