كيف تتخلص من الاكتئاب خطوة بخطوة؟

كيف تتخلص من الاكتئاب خطوة بخطوة؟

يُعد الاكتئاب واحدًا من المشاكل النفسية التي تُشكِّل تحدّيًّا كبيرا في المجتمعات اليوم، تُشير الإحصاءات الرسمية المحليّة المتعلقة ببيانات مسح الظروف النفسية لعام 2022، إلى أنّ أكثر من نصف الأفراد من سنّ (18 سنة فأكثر) يُعانون من الاكتئاب، بما نسبته 71% من سكان قطاع غزة.

على الرغم من ارتفاع هذه المعدّلات؛ إلا أنّ النظرة المجتمعية "الدونية" الناتجة عن موروثات البيئة الثقافية إزاء الأفراد المصابين بالاكتئاب ما تزال قائمة، الأمر الذي يُضعِف الوعي بهذه المشكلة النفسية التي وصفها المختصون بـ "الخطيرة"، وبالتالي تحدّ من مقدرة هؤلاء الأفراد على اتخاذ خطوات عملية للتعامل معها.

نتيجة لذلك، تنتشر في قطاع غزة العديد من القصص عبر منصات التواصل الاجتماعي لحالات الانتحار والقتل وغيرها؛ الأمر الذي يستوجب زيادة الوعي لدى الأشخاص المصابين بالاكتئاب والبيئة المحيطة بهم بطبيعة هذه الحالة وكيفية تقديم الدعم النفسي المناسب.

وكان من أحدث تلك الحالات هي حادثة انتحار الشاب محمد النجار (27 عامًا) من مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، بعد تفجيره قنبلة يدوية بنفسه، وذلك عقب معاناته من اكتئاب شديد لعدّة سنوات، وغيرها العديد من الحوادث المعلنة وغير المعلنة.

المختصة النفسية ألفت المعصوابي، قالت إن الاكتئاب أكثر خطورة مما يُعتقد، وإنّه يؤثر على حالة المرضى ويعزلهم عاطفيًا ونفسيًا عن المحيطين بهم.

ما هي العوامل التي تساهم في إصابة الفرد بالاكتئاب؟ تُجيب المعصوابي، "هناك العديد من العوامل منها الوراثية والبيئية والنفسية، وعلى الرغم من أن الأفراد يختلفون في استجابتهم وتفاعلاتهم مع المواقف الحياتية، إلا أنه يجب عدم التعميم وعدم تجاهل تجارب الآخرين".

وتشير إلى أن التعامل مع مرضى الاكتئاب يُمثل تحدٍ، كونهم يظنّون أن لا حلول فعّالة لمشاكلهم نظرًا لما ينغمسون به من تفكير عميق في عوالمهم الداخلية ويتأثرون بالظروف الداخلية والنفسية السلبية، إذ يُعد الاكتئاب حالة مزاجية تجعل الشخص يشعر بالحزن والسوداوية ويفقد الاستمتاع والدافعية في الأنشطة اليومية.

ومع مرور الوقت دون التوجه لعلاج، يزداد شعور المصاب بالاكتئاب بعدم القدرة على تحقيق الإنجازات، ويشعر بأنه لا قيمة لوجوده، وأنه غير قادر على تحقيق تأثير إيجابي في ظلّ الضغوط المحيطة به.

ما هي النصائح التي تقدمينها لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب؟ توضح المختصة النفسية أن أول هذه النصائح هو التحدث مع الأصدقاء والعائلة، إذ يُمكِن للدعم الاجتماعي أن يكون له تأثير إيجابي على المزاج والتحسين العام.

إلى جانب العناية الذاتية من خلال ممارسة النشاط البدني المنتظم والتغذية السليمة والنوم الجيد ووضع أهداف صغيرة ومناسبة، بالإضافة إلى ضرورة تجنب العزلة وتعلم تقنيات إدارة الضغط.

أيضًا يُنصح الأشخاص المصابون بالاكتئاب بالابتعاد عن المؤثرات السلبية، وتجنب الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي التي قد تؤدي لتفاقم الحالة، إذ تكون مهمة الفرد الأولى هي البحث عن الدعم والعناية اللازمة للتخلص من تأثيرات الحالة عليه.

وترى المختصة النفسية المعصوابي أنّ الوعي بخطورة هذه الحالة والحصول على الدعم النفسي المناسب هو أمر حاسم، وتفيد بأنّ الأشخاص المحيطين بالمريض قد يواجهون صعوبة في التعامل معه نتيجة ضعف الوعي المجتمعي بهذه المشكلة، مما يشير إلى ضرورة تعزيز مفهوم زيارة الأخصائيين النفسيين وتقديم الدعم للأفراد المتأثرون. وذلك لأن الاكتئاب في الحالات المتقدمة، يصبح مشكلة خطيرة تتطلب تدخلاً سريعًا. 

وتشير المعصوابي إلى أن العديد من محاولات الانتحار أو التفكير فيها اكُتُشِفت في وقتٍ مبكر من قبل الأخصائيين النفسيين، الذين يقدمون الدعم ويساهمون في إكساب الأفراد الأدوات والمهارات للتعامل مع حالتهم؛ مما ساهم في إنقاذ حياة الأفراد المعنيين.

لذلك، يمكن أن ينجو العديد من الأشخاص المصابين بالاكتئاب إذا ازداد الوعي المجتمعي بهذه المشكلة، وهو ما يمكن تحقيقه عن طريق مجموعة من الخطوات، أهمها التثقيف ونشر المعلومات الدقيقة والشاملة حوله، بما في ذلك أعراضه وأسبابه وأساليب العلاج المتاحة. يمكن تنظيم حملات توعية وإنشاء مواد تثقيفية متنوعة مثل نشرات إعلامية ومقاطع فيديو ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.

إضافة إلى ضرورة تدريب المختصين والمهنيين الصحيين لتمكينهم من التعرف على علامات الاكتئاب وتقديم الدعم النفسي الأولي المناسب. كما يُنصح بالتوعية في المؤسسات التعليمية عامة وعبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، إلى جانب أهمية أن يكشف المشاهير الذين عانوا من الاكتئاب وتخلصوا منه عن تجاربهم لتعزيز فهم أعمق للمشكلة؛ مما يُشجع المشاركة والحوار حول هذا الموضوع.

ويجمع الخبراء النفسيون على أن فهم الاكتئاب وتحدياته وتقديم الدعم النفسي المناسب هو مهمة حيوية. إذ يجب على المجتمعات والأفراد أن يعملوا سويًا لزيادة الوعي وتقديم الدعم للأشخاص المتأثرين بالاكتئاب. وذلك لما للدعم النفسي من تأثير كبير في تحسين حياة الأفراد ومساعدتهم على التغلب على التحديات النفسية التي يواجهونها.