تُشكّل مشكلة العناد والعصبية لدى الأطفال تحدي كبير لدى الأهل أمام تربية أبنائهم بالطرق المثلى، وهي إحدى المشكلات السلوكية التي تبدأ من الصغر وتزداد حدّتها في فترة المراهقة بشكلٍ كبير إذا لم يتخلصوا منها منذ البداية.
ويُلاحظ على الطفل الذي يتسم بالعناد رفضه للواقع الذي يعيشه خاصّة إذا كان الواقع الأسري غير مُستقر، فيتسبب بشعور الطفل في عدم الأمان والاستقرار داخل بيته.
كما يعد رفض الطفل لتعليمات والديه واحدة من أهم علامات عِناده، إذ نجد أن الطفل يرفض كل الأوامر التي يتلقاها من الأسرة، لذلك ينصح الخبراء الأهل ألا يعطوا لهذا الطفل أيّ أمر؛ لأنه يحتاج إلى معاملة خاصّة حتى يستطيعوا التخلص من هذه المشكلة فلا تتفاقم وتستمر معه حتى عمر العشرين.
وتفسِّر المختصة النفسية منى موسى، أسباب العِناد والعصبية لدى الأطفال، في عدّة أمور، أهمها شعور الطفل أنه غير مرغوب به أسريًّا ومجتمعيًّا. أو شعوره بالنقص نتيجة إصابته بمرضٍ ما أو إعاقة أو أيّة مشكلة صحية، فيرفض الواقع الذي يعيشه نتيجة ذلك المرض أو العيب الخَلقي.
بالإضافة إلى ذلك، تعد أساليب المعاملة الخاطئة من أهم أسباب عناد الطفل، منها التمييز الأسري بين الذكر والأنثى، أو بين الابن الأكبر والأصغر، أو أن يرى الطفل مشاكل الأهل أمامه، أو يتعرض للعنف من والديه، أو للعدوانية من الآخرين كأقرانه أو اخوته، أو أبناء عمه، أو التنمر من زملائه في المدرسة أو الجيران، أو نعته من الأسرة بمصطلح "عنيد" منذ صغره؛ مما يعزز هذه الصفة وهذا المنطق في داخله فيصبح نموذج للطفل العنيد.
وتقدم المختصة موسى خمسة نصائح لجمهور الآباء والأمهات تساعدهم في القضاء على هذه المشكلة التي بدورها تساعدها على تحول طفلهم العنيد إلى طفل هادئ ومتعاون.
أولًا: التوقف عن التعامل مع الطفل بأسلوب صارم وقاسي وإلقاء الأوامر عليه، وبدلاً من ذلك يُفضل تعزيز لغة الحوار والتفاهم المبنية على الثقة ما بين الأم والطفل؛ ليكون الطفل متقبل لتعليمات الأم، مثلاً تدعوه للنوم الساعة التاسعة لأن هناك دوام مدرسي في الصباح وصحته مهمة، فهنا يتضح الحق والواجب لدى الطفل ويعرف مهامه.
ثانيًا: الابتعاد عن أسلوب العقاب البدني، والصراخ أو العنف اللفظي والجسدي لهؤلاء الأطفال، ونبعد الأطفال وقت وقوع النزاعات الأسرية، فيجب ألا يرى الطفل أبيه يعنف والدته مثلا، وإذا كان يُشاهد هذه الأحداث طوال اليوم ستزداد مشكلة العناد لديه.
ثالثًا: محاولة تعزيز شعور الطفل بالأمن النفسي والسعادة وزيادة ثقته بنفسه، وقالت موسى: "يُفضل أن نتحدث مع الطفل، نخبره أنك أصبحت كبير يمكنك الذهاب للمحل والشراء بنفسك"، لأن تعزيز هذه الكلمات التشجيعية والتحفيزية فيه تجعله ينفذ أوامر الأم بطريقة سهلة وسلسة.
رابعًا: نُشعِر الطفل بأهمية ما يقوم به ونشجعه على كل مَهمة، خاصّة عندما يُقصِر في درجة امتحان مثلا نشجعه ونحفزه بكلمات تشجيعية تزرع فيه ثقته بنفسه، وتزرع حبه لعائلته ولنفسه.
خامسًا: إشراك الطفل في كل الأنشطة الرياضية والبدنية، فإذا كان يحب كرة القدم يُفضل تسجيله في نادي، وإذا كان يميل إلى الفنون فيفضل إشغاله في الرسم أو قراءة القصص. أيضًا تنصح موسى أن يلعب الأهل مع أبنائهم ألعاب هادفة مبنية على التفاهم والحنان والحب والطاعة.
وأشارت المختصة النفسية منى موسى إلى أهمية الانتباه إلى سلوكيات الطفل، فبعض الأطفال العنيدين يُفضلون النظام والترتيب والاستكشاف والاهتمام بالأشياء الصغيرة والدقيقة، وبعضهم يكرّس تركيزه على الأشياء التي تحتاج إلى الفك والتركيب.
وترى موسى أن تلك السمات هي دلالة على ذكاء الطفل؛ مما يُشير إلى ضرورة أن يتابع الأهل اللعب مع طفلهم الذي يتسم بتلك الصفات، وألا يعاقبوه بدعوى التخريب بل احتوائه بالاهتمام والمحبة.
كما نبهت إلى أن بعض الأطفال يأخذون صفة العناد بالاكتساب، وذلك عندما يكون تعامل الأهل مع طفلهم بالصراخ والضرب والعِناد، وفي هذه الحالة تنصح أبو موسى بضرورة الكف عن ذلك وبدلاً منه احتواء الطفل واحتضانه.
وختمت حديثها بضرورة تعزيز ثقافة عناق الوالدين طفلهم، خاصة عندما يقوم بإنجازٍ ما، وقالت: "إن الطفل الذي لا يعيش هذه المشاعر وهو صغير سيبقى محروم منها طوال عمره، وسيبقى لديه نقص ويحتاج إلى الحب والحنان دائمًا".
الطفل العنيد