مخاوف تجار سوق "فراس" تتعاظم قبل البدء بتطويره 

البلدية لم تقدم وعودا لضمان عودة التجار

 مخاوف تجار سوق "فراس" تتعاظم قبل البدء بتطويره 

يتخوف أصحاب المحلات والتجار والبائعين في سوق "فراس" الشعبي الواقع  إلى الغرب من ميدان فلسطين وسط مدينة غزة، من مشروع تطوير هذا السوق الشعبي الذي أعلنت بلدية غزة عن البدء به مؤخراً، والذي يجبرهم على نقل محالهم التجارية إلى أماكنٍ أخرى بعد سنواتٍ قضوها فيه.

وفتحت البلدية الباب في الأشهر الأخيرة أمام المستثمرين لطرح عروضهم لأجل الاستثمار في السوق الذي لا تتجاوز مساحته (33 دونمًا)، رغم أن هذه الفكرة جرى طرحها قبل ثمان سنوات ولاقت اعتراضات كبيرة، غير أن البلدية ترى أن السوق أصبح متهالكاً و يعاني من ترهل البنية التحتية.  

يقول الستيني أبو عمر حجاج صاحب محل لبيع الأدوات الزراعية في سوق فراس لـ "آخر قصة": "لا يوجد ما نبكي عليه، وضع البلد من سيء لأسوء، صحيح أن الجميع هنا قلق بشأن فكرة تطوير السوق ونقل جميع دكاكيننا ومحلاتنا، لكن في الحقيقة لا يوجد ما نخسره، على سبيل المثال لا تزيد إيرادات محلي عن 15 شيكل في اليوم، فماذا سأخسر أكثر؟".

ويتابع العمّ أبو عمر بنبرة يملؤها اليأس والإحباط، "نحن نعمل هنا في سوق عمره أكبر من أعمارنا جميعاً، وبالطبع يعزّ علينا أن نترك مصالحنا في هذا المكان الذي ربطتنا به حياة وألفة وتاريخ، لكن لمن المشتكى لا أحد يسمع صوتنا فالقرار سيمر على الجميع".

أما الستيني فايق الغندور الذي ورث محل لبيع الخردة عن والده في السوق ذاته، وتوطدت علاقته فيه على مدار 50 عامًا مرت، قال: "قضيت هنا أكثر مما قضيت في بيتي، عشت عمري كله بين هذه الدكاكين وضجيج السوق، الجميع هنا كالأهل بنينا ارتباطًا وثيقًا وتاريخًا مع زبائننا الذين يأتوننا من جميع محافظات القطاع".

يردف صاحب محل الخردة في حديثه لـ "آخر قصة"، "نحن لا نعارض قرار البلدية بالتطوير، وإنما في إيجاد بدائل مناسبة لنا وأن يحافظوا على شعبية وتراثية هذا السوق وألا تفرض علينا قيمة إيجار أكبر".

ويضم سوق فراس 180 محلًا موزعة على مساحته الكاملة، ويتوزع فيه النشاط بين 6 حرف أساسية، وفقًا لما قاله وائل العاوور مثل لجنة تجار سوق فراس. 

ويُعد "فراس" أحد أهمّ وأقدم الأسواق الشعبية المقامة في مدينة غزة والتي يبلغ عددها 11 سوقًا تتنوع مجالات عملها الخضار والأسماك والذهب والطيور والسيارات. 

ويقول العاوور لـ "آخر قصة"، "إنّ السوق يوجد في مكانٍ قديم ومتهالك ومعدوم الخدمات، وإن العاملين فيه لا يرفضون فكرة تطويره إنما يشتكون من البديل غير المناسب الذي أعلنت عنه البلدية وهو إخلاء سوق فراس ونقل التجار إلى سوق اليرموك غرباً وهو سوق لا يصلح سوى للبسطات، فهو غير ملائم لأن يكون بديلا عن محلات سوق فراس". 

وأكد ممثل تجار سوق فراس، تخوفات التجار وأصحاب المحلات من عدم القدرة على تحمل إيجارات المحلات بالسوق بعد تطويره، لاسيما أن "البلدية قد أعلنت عن مشاريع وتصورات ضخمة لهذا السوق الشعبي أقرب ما تكون إلى مول تجاري".

حتى اللحظة لم تُصادق بلدية غزة على قرار مشروع تطوير سوق فراس، بحسبِ العاوور، الذي أشار إلى أنه لا يوجد لدى البلدية خطة واضحة عن كيفية أو تكلفة وشكل تصميم سوق فراس بعد التطوير.

واختتم ممثل لجنة تجار سوق فراس حديثه قائلًا، "نحن بالفعل بحاجة مُلحة لتطويره من ناحية بنية تحتية وخدمات ومساحات مناسبة لكن لا نريد مولات ضخمة بل نريد شكل يراعي التراث والطابع الشعبي ويتضمن أصحاب المهن الذين يُشكّل هذا السوق روحًا لعملهم وحياتهم".

وحول قانونية قرار تطوير سوق فراس، قال المستشار القانوني والمتخصص في قانون الشركات معن الأطرش، إنّ بلدية غزة جهة رسمية، ووفقًا لذلك يحقّ لأحكام النظام العام للبلدية تنفيذ أيّ مشروع يحقق المصلحة العامة؛ ولكن بشرط التعويض العادل لأي شخص متضرر منه إذا وقع ضرر جرّاء تنفيذ المشروع.

وردًا على استفسارنا حول الإجراءات القانونية وحقوق العاملين إزاء هذا المشروع، أفاد الأطرش بأنّ العلاقة بين البلدية وأصحاب البسطات والمحال ليست علاقة عمل وإنما هي صفة تعاقدية بين مؤجرٍ ومستأجر وبالتالي ليس هناك مكان للحديث عن أيّ شروط جزائية في العلاقة التعاقدية بين الطرفين كونها تخضع للقانون المدني.

بجانب ذلك، يحقّ لأي شخص مُتضرر من القرار والمشروع المترتب عليه اللجوء إلى القضاء المدني؛ ليحصل على حكم من المحكمة المختصة وتنفيذه حسب الأصول، بحسب الأطرش الذي طالب البلدية بالوقوف إلى جانب مطالب التجار العادلة في إيجاد حلول مناسبة تراعي أوضاعهم الاقتصادية الصعبة والتي يُعاني منها السواد الأعظم من المواطنين.

في الإطار، توجّهت "آخر قصّة" إلى بلدية غزة وقابلت حسين عودة مدير العلاقات العامة والإعلام، والذي بدوره قال: "نحن لا نجبر تجار سوق فراس على الانتقال إلى سوق اليرموك ولكننا جعلنا لهم الأولوية للاستفادة من هذا السوق بأسعار مُشجِعة مبدئيًا". 

وتقاطع حديث أبو عودة مع العاوور في أن البلدية لم توافق بعد على خطة تطويرية محددة لسوق فراس، كما لا يوجد لديهم تصور واضح عن شكل المشروع والأمر يتمحور في بلورة أفكار ونقاشات مطروحة فقط، لكن عودة عاد وأكّد على أن المستثمرين اشترطوا إخلاء السوق بالكامل قبل الشروع في تنفيذ أي تدخل أو خطة للتطوير.

وعن مدى استجابة البلدية إلى شكاوى ومخاوف التجار، قال أبو عودة، إننا نستمع للجميع لكن في النهاية نتخذ القرار الذي نراه مناسبًا ويفيد الصالح العام، وليس لدينا أيّة وعود بشأن عودة التجار لأماكنهم بعد عملية التطوير أو إمكانية توفير أسعار إيجارات تتناسب مع قدراتهم فالخطط لم تحسم بعد". 

وما بين قرارات المستثمرين بإخلاء سوق فراس وتطلعات البلدية لتطويره دون تقديم وعود للتجار العاملين فيه بمصيرهم ومصير محالهم، تبقى مخاوف ذوي الدخل المحدود منهم قائمة من خسران مهن ورثت عن آبائهم وفقدان زبائنهم والانتقال لمصيرٍ مجهول وغير مؤهل أو مناسب لأعمالهم وبدون أيّة ضمانات.