رفض موظف في محل صرافة بمدينة غزة، قبول شراء عملة نقدية من فئة الدولار مقابل الشيكل، من السيدة رانية عبد الرؤوف، رغم أن الأخيرة كانت قد تلقت حوالة مالية بالقيمة النقدية وبذات العملة التي حاولت بيعها من المحل ذاته.
تناقض غريب، تقول رانيا التي تلقت حوالة مالية من ابنتها المُقيمة في بلجيكا عبر محل الصرافة، الذي رفض بعد يومين من استقبال الحوالة شراء الدولار مقابل الشيكل، بذريعة أنّ الأوراق بالية ومغسولة، معتبرة أن هذه العملية هي بمثابة لي لذراع الزبائن.
وأضافت رانية وهي من سكان مدينة غزة، في حديثٍ لـ "آخر قصّة"، "تعرضت للابتزاز بمعنى الكلمة ولم أفهم في البداية ما أسماه الصراف بالدولار المغسول، ورغم أنّني أخبرته بأني استلمت هذا المبلغ منه؛ لكنه ردّ بنبرةٍ متذمرة (إما نخصم من كل ورقة دولار مغسول 10 شيكل أو لتذهبي إلى صرّاف آخر) فكان أمامي أمران كلاهما مُر واضطررت للرضوخ لعرضه".
وفي هذه الحالة خسرت تلك السيدة مبلغ وقدره 50 دولار مقابل بيع 500 دولار من العملة التي يشاع بين صرافي غزة تسميتها بـ "الدولار المغسول".
يُشير مصطلح الدولار المغسول إلى دولار رسمي ولكن نتيجة سوء التخزين تظهر عليه علامات عفن فيلجأ بعض الناس إلى غسله بمواد تؤدي إلى فقدانه لمعته الاعتيادية وبهتان لون الورقة لتميل إلى اللون الأبيض، وذلك وفقًا للمستشار المالي الحسن بكر، الذي أشار إلى أنَّ هذا الدولار يخسر من 5-10% من قيمته الأصلية في قطاع غزة.
وفي ظروفٍ مُشابهة لما حدث مع رانية، يروي علي إبراهيم (اسم مستعار)، لـ "آخر قصّة"، تعرضه للاستغلال من قبل أحد الصرافين، ويقول: "اعتدت التعامل مع محل صِرافة بعينه لأن الحوالات لا تصلّني إلا من خلاله، وبدلاً من أن يتعامل معي بمرونة كوني أحد زبائنه، أجده يتحكم بالحوالة وقيمتها حسب مزاجه كأنني أستجدي منه".
ويرى إبراهيم أنّ بعض الصرّافين اعتادوا على التعامل مع الزبائن كأصحاب حاجة يسهل استغلالهم دون رقيب بدءًا من الدولار المغسول والخصم الطارئ على القيمة السوقية، مرورًا بالتحكم في سعر الصرف ومبادلة العملة المحولة وانتهاءً بخصم قيمة الحوالة التي تكون الجهة المحولة قد تحملتها من الأساس.
وتصل العديد من الشكاوى إلى الجهات المختصة حول استغلال صرافين للمواطنين، تارة بخفض قيمة العملة بداعي أن الدولار مغسول، وتارة أخرى باستبدال عملة الحوالة بعملة أخرى، وفقاً لما قاله نائب رئيس محافظ سلطة النقد محمد مناصرة.
على ضوء ذلك اصدرت وزارة الاقتصاد الوطني بغزة مؤخراً قرارًا إداريًّا يحمل الرقم (43) لسنة 2020 لحماية أصحاب الحوالات الماليّة وضبط أسعار الصرف، يقضي بإلزام البنوك ومكاتب الصرافة في القطاع بصرف قيمة الحوالات المالية الواردة من الخارج للزبون بعملتها المحوّلة دون مبادلتها بعملة أخرى، والتعامل مع لون الدولار أبيض/ أزرق دون تفرقة أو زيادة أو نقصان في سعر البيع أو الشراء.
كما نصّ قرار وزارة الاقتصاد الذي أُقرَّ بعد الاطلاع على أحكام القانون الأساسي لسنة 2003 وتعديلاته، وقانون حماية المستهلك رقم (2) لسنة 2005 وتعديلاته، وقانون الشركات رقم (7) لسنة 2012 وتعديلاته، على أنهم يستقبلون أي شكوى تتعلق بمخالفة ما وَرد في القرار، إذ سيتم اتخاذ المقتضى القانوني المُشدّد بحق الجهة المُخالِفة.
أما عن جهة سلطة النقد ودورها الرقابي تجاه الحدّ من الشكاوى، قال "مناصرة" لـ "آخر قصة"، إنّهم في الوقت الذي ينظمون ويراقبون عمل المؤسسات المالية الخاضعة لإشرافهم، فإنهم قد أصدروا تعليمات للقطاع الصيرفي حدّدت عبرها ضوابط العمل والأحكام العامة الواجب على الصرافين الالتزام بها عند تقديمهم هذه الخدمة.
ومن تلك الضوابط تسليم الحوالة للعميل بالعملة نفسها إلا في حال طلب المستفيد خطيًّا خلاف ذلك، والقيام بنشر أسعار العملات المستوفاة على الحوالات المالية بشكل بارز في مقر الشركة.
ولكن في المقابل، يُقر مناصرة أنّ الشكاوى ما تزال ترد إلى سلطة النقد دون توقف متحفظا على ذكر عدد الشكاوى، مبينا أن سلطته تتخذ إجراءات قانونية تجاه المؤسسات غير الملتزمة بالتعليمات.
ورغم تلك الإجراءات القانونية الحاصلة إلا أن المواطنين ما يزالون يقعون ضحيّةً لعمليات التلاعب والاستغلال التي يقوم بها صرافين دون وجود رقابة فعلية خاصّة في ظلّ عدم توضيح الجهات ذات الاختصاص طبيعة العقوبات للعلن.