أرسم وأكتب كي لا يبقى في داخلي وحشٌ حزين؛ لذا تخاطب كتبي كل طفل في العالم، تناديه: لا تخف، لا تحزن، افتح النافذة وتنفس السماء.. سمائك أنت.
أنا براء العاوور فنانة تشكيلية من غزة، قررت مبكرًا التحليق باتجاه شغفي بالرسم والألوان، فاخترت مجال أدب الأطفال، وكم اعتبرني محظوظة باختياري!
رسمت ما يزيد عن 30 كتابًا للأطفال بالتعاون مع دور نشر محلية ودولية، وأقرب كتبي إلى قلبي "لو كان لدينا ديناصور" و "أنا والوحش"، لأن علاقتي بشخصيات رسوماتي تتعدى سطوح الورق، إنها تنهض لتتشكل على هيئة أصدقاء، فنصنع سويًا عوالم مختلفة ومميزة، سأخبركم بصدق إن العمل من أجل الأطفال متعة حقيقية لا يشعر بها إلا من جرّبها.
بالطبع الرسم للأطفال ليس مجرد ريشة وألوان، إنه فكرة شديدة التركيز ورسالة موجهة إلى عوالمهم البريئة، لذا عكفت على مطالعة العديد من الكتب والأعمال في نفس المجال، كي أراكم الخبرات وأتمكن من إنتاج أعمال حقيقية تخاطب الطفل بصدق وذكاء، وقد تطلب ذلك أن أتخصص بأدب الأطفال تحديدًا.
عملت كمدربة ومنشطة للأطفال، قدمت الورش الفنية والأدبية لسنوات طويلة، بالتأكيد فرصة اقترابي من الأطفال وسماعي لأحاديثهم العفوية كان كفيلاً بأن يخلق في رأسي المزيد من القصص، لطالما ألهمني الأطفال في غزة إنهم مختلفون، يُعجزني كيف يمكنهم تحويل طابة اللعب عُرسًا كبيرًا يجوب الشوارع والحارات، وبالمناسبة؛ أنا أعتبر الطفلة بداخلي هي منارتي التي ترشدني الطريق إلى الخيال واللون، وإلى الحكاية بكل تفاصيلها.
صحيحٌ أن الإغلاق المستمر لقطاع غزة والمنع من السفر كان كتلة اسمنتية تقف بيني وبين العالم الخارجي المفتوح، مما يعني انحسار لتجربة الفنان والتغذية البصرية التي يحتاجها، لكنني قررت التوقف عن النظر باتجاه الجدار طالما يمكنني النظر إلى الأعلى، حيث السماء الواسعة التي تعتلِينا جميعًا، حيث الأزرق لوني المفضل، إنه يعني الفضاء، الاتساع، والراحة النفسية.
مؤخرًا تمكنت من السفر إلى عدة بلاد عربية، وحصلت على جوائز دولية عن كتبي في مجال أدب الأطفال، واعتبر ذلك مكافأة جميلة لي مع ضرورة الاستمرار في التعلم ومُراكمة الخبرات ففي داخل كل طفل عالم واسع مختلف، مما يجعل مهمّتي أصعب في كيفية استكشافه وصنع البهجة داخله، أتوق لذلك حقًا، وأتوق لأن أصنع كتبي الخاصة نصًا ورسمًا، لنحلق سويًا مع الأطفال لأبعد مكان في هذا الكوكب.