أنا هدى ثابت، 48 عاماً، من مواليد مخيم اليرموك بسورية وعشت في العراق، لكني أيضاً درست الأدب الإنجليزي في الجامعة الأردنية وعدت إلى غزة قبل عشرين عاماً.
أطلقت سلسلتي الأدبية التعليمية لليافعين التي تُدعى "عسل" للتوعية حول المفاهيم الاقتصادية والتعاملات المالية والوقاية من كوفيد-19 والدمج المجتمعي للأشخاص ذوي الإعاقة والانضباط البيئي.
اعتُمدت سلسلتي الأدبية التعليمية في مدارس قطاع غزة وأصبحت ضمن الأنشطة اللامنهجية والمكتبية في المدارس. أقوم أيضاً بتدريب الطلبة اليافعين على الكتابة الإبداعية، وبعد تنقيح نصوصهم تُنشر هذه النصوص في كتيبات مرفقة برسومات طلبة موهوبين في الرسم.
في الحقيقة تكدس لدي مئات المسودات من نصوص الطلاب، بيتي امتلأ بالأوراق، وأدركت أن هذا الورق سيُلقى في مكبات النفايات أو سيُحرق ويلوث دخانه البيئة، ومن هنا جاءتني فكرة "إعادة تدوير الورق”.
بحكم اطّلاعي، كنت ألتقي بطلبة الفنون الجميلة الذين يستخدمون القماش في التدرب على الرسم. تكلفهم كل قطعة قماش للرسم 20 شيكل، أي ما يعادل 6 دولارات أمريكية، وهذا عبء مالي لا يستطيع الطالب تحمّله. فجاءتني فكرة عمل ألواح صلبة من الورق للطلاب والفنانين، إذ يمكنهم استخدامها أكثر من مرة. بدأت بالقراءة حول الموضوع وبالتجربة والخطأ. تعلمت الكثير، ساعدتني أختي وبدأنا بفرم مسودات النصوص التي يرسلها لي طلبة المدارس.
تواصلت مع المؤسسات والبنوك للحصول على الورق المفروم الذي يودون التخلص منه. ساعدتني أختي في رسم مخطط لمكبس للورق وقمنا بصناعته في إحدى الورشات وبدأنا بالعمل. ننقع الورق المفروم في الماء ونضيف بعض المواد إليه، ومن ثم نقوم بكبسه وتجفيفه باستخدام مناخل للتخلص من الماء، وبعد أن يجف نقوم بسنفرته وطلائه باللون الأبيض.
جرب طلبة الفنون الجميلة الرسم على الألواح الورقية مستخدمين أنواعاً مختلفة من الألوان الخشبية والفحم والألوان الزيتية والأكريلك والألوان المائية، وكانت النتائج مرضية للغاية.
مشروعنا هو الوحيد من نوعه في غزة، نحافظ فيه على البيئة ونقلل التكاليف على الطلبة والفنانين. يُشغّل المشروع ثلاثة عمال بالإضافة إلي أنا وأختي. يرسل الفنانون لوحاتهم لنا ونساعدهم على بيعها. نستطيع الآن إنتاج عشرين لوحاً من الورق كل عشرة أيام. أسعى للحصول على تمويل لشراء مكبس مناسب وفرن لتجفيف الألواح لتطوير هذه الفكرة الرائدة، فهي حقاً تستحق.