فنيات الطاقة المتجددة في غزة يكتسحن المجال

الطاقة الشمسية والتمكين

فنيات الطاقة المتجددة في غزة يكتسحن المجال
وكالات

عندما قامت غادة زكي كريم البالغة من العمر عشرين عاما بالولوج إلى موقع عمل جديد، اندهش الجميع. وغير عابئة بتلك الدهشة، صعدت غادة بالمثقاب الكهربائي وصندوق العدة وبدأت العمل في تركيب الألواح الشمسية.

إن غادة وزميلاتها اللواتي تخرجن من برنامج التدريب المهني على تركيب وتشغيل وصيانة وبرمجة أنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية في مركز تدريب غزة، والذي تم بدعم الحكومة الألمانية من خلال صندوق التنمية الألماني، هن في طليعة العاملين في مجالهن وبأكثر من طريقة واحدة. ولدى تلقيها التدريب في مجال الطاقة المتجددة المتخصص، تقوم المرأة في دروسها بكسر الحواجز أمام مجال يهيمن عليه الرجال عالميا.

ولدى قيامها باتخاذ القرار بدخول معترك برنامج التدريب المهني في مركز تدريب غزة، وازنت غادة الخيارات المتاحة لها بعناية، واضعة في اعتبارها معدل بطالة الشباب في غزة والتي تبلغ 70%. "عندما فكرت في المكان الذي أريد أن أكون فيه خلال أربع سنوات، تخيلت نفسي رائدة أعمال. كنت بحاجة إلى تخصص مطلوب وبحثت عن مجال دراسي يقي من شبح البطالة".

كان مجال الطاقة المتجددة الناشئ خيارا متطلبا وواعدا على حد سواء، وكانت غادة مفتونة بشكل خاص بأنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية. وفي قطاع غزة، يعد توسيع مصادر الطاقة المتجددة أمرا بالغ الأهمية؛ حيث يبلغ عدد سكان الجيب الساحلي الصغير أكثر من مليوني نسمة، 72 في المئة منهم لاجئون من فلسطين. وبسبب الحصار الذي دام قرابة 14 عاما، فإن نقص الوقود منتشر في كل مكان فيما يصل انقطاع التيار الكهربائي المستمر إلى 11 ساعة في اليوم. لكن في منطقة البحر الأبيض المتوسط المشمسة، تعد الأنظمة الكهروضوئية الشمسية التي تسخر ضوء الشمس وتحولها إلى كهرباء مصدرا واعدا للطاقة المتجددة.

وقالت غادة: "قبل التسجيل في مركز تدريب غزة، قمت بزيارة بعض المصانع ومحطات تحلية المياه التي تعمل بأنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية. كنت منبهرة، ولذلك التحقت ببرنامج مركز تدريب غزة مستعدة للقيام بكل ما أحتاجه للنجاح!"

متسلحة بالإصرار والتصميم، بدأت غادة البرنامج التدريبي. "في البداية، اندهش زملاؤنا من الرجال من وجود نساء في البرنامج معهم. كانوا يشككون في قدرتنا على تثبيت المثقاب ولحام العوارض الفولاذية، لكننا لم نلق بالا لذلك. دعمت النساء بعضهن البعض حتى أصبحت الصداقة الحميمة معدية وتطور زملاؤنا الرجال وبدأوا في دعمنا أيضا".

وأصبحت الخريجات في صف تدريب غادة أول فنيات في مجال أنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية في غزة. بفضل التمويل السخي من الوزارة الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية، تم منح غادة وزملائها الخريجين البالغ عددهم 97 خريجا فرص عمل للتدريب في الشركات المحلية. اكتسبت غادة ثقة صاحب العمل بالتصميم والعمل الجاد، وسرعان ما انضمت إلى الفريق الميداني الرئيسي للشركة، حيث تقوم بتركيب وتشغيل وإصلاح أنظمة الطاقة الشمسية الكهروضوئية.

وفي الوقت الذي تعمل فيه على بناء خبرتها، تمتلك غادة رؤية واضحة لخطوتها التالية في ريادة الأعمال. "بدأت أتعلم كيفية إدارة عملي الخاص. سأستمر في دراسة موارد الطاقة البديلة، وفي النهاية أريد أن أمتلك عملي الخاص وأن أكون سفيرة للطاقة النظيفة!"

وفي معرض حديثها عن إنجازها، تتحدث غادة إلينا قائلة: "كانت تجربة التدريب في مجال يسيطر عليه الرجال صعبة، لكنها في النهاية أمدتني بالقوة. لم أتطور من حيث القدرة الفنية فحسب، بل إنني أيضا أكثر ثقة وصراحة في التعبير عن أفكاري. وباعتباري أختا كبيرة لست فتيات، أريد أن أكون نموذجا ثوريا جيدا لهن -وأن أظهر لهن أنه عندما تعرف المرأة ما تريد، يمكنها التعلم والتدرب وتحسين نفسها وتحقيق أهدافها".