دعاء الزلازل: ما يُقال وقت الخوف وأثر الرجوع إلى الله

دعاء الزلازل: ما يُقال وقت الخوف وأثر الرجوع إلى الله

تُعدّ الزلازل من الظواهر الكونية المُخيفة، التي تهز الأرض وتقلق القلوب، فتوقظ في النفس البشرية مشاعر الرهبة والخوف من المصير، وتدفع الإنسان نحو التضرع إلى الله تعالى وطلب العفو والرحمة.

وفي عالم يزداد اضطرابًا، باتت هذه الهزات الأرضية تذكيرًا صارخًا بقدرة الله عزّ وجل، وعجز الإنسان أمام قوّة الطبيعة.

فماذا نقول وقت الزلازل؟ وما هو أثر الدعاء في مثل هذه اللحظات؟

الزلازل في ضوء الإيمان

الزلازل، في المنظور الإسلامي، ليست مجرد ظاهرة جيولوجية عشوائية، بل هي آيات من آيات الله، تُذكّر الإنسان بضعفه، وتدعوه إلى التوبة والرجوع. قال تعالى:

"وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا" (الإسراء: 59).

أي أن هذه الآيات الكونية - ومنها الزلازل - إنما يُرسلها الله لتخويف عباده حتى يعودوا إليه.

ما كان يفعله النبي ﷺ عند الزلازل

ورد في السيرة أن النبي ﷺ، إذا رأى ريحًا أو سمع صوت رعد، ظهر عليه الوجل والرهبة، وكان يُكثر من الدعاء واللجوء إلى الله، فيدعو قائلًا:

"اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً، وَلَا تَجْعَلْهَا عَذَابًا"

(رواه مسلم).

وعند حصول الزلازل، كان بعض الصحابة يجتمعون في المساجد، يُكثِرون من الدعاء والاستغفار.

أدعية تُقال وقت الزلازل

عند الشعور بالهزة الأرضية أو الخوف منها، يستحب للمسلم أن يُكثر من هذه الأدعية:

"اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك".

"اللهم سلمنا وارحمنا، ونجنا من البلاء والمحن، ما ظهر منها وما بطن".

"اللهم اجعل هذه الزلزلة بردًا وسلامًا علينا، واحفظنا بحفظك، وأجرنا من كل سوء".

ويُفضل الإكثار من الاستغفار، فقد قال تعالى:

"وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ" (الأنفال: 33).

كيف نتعامل مع لحظة الزلزال؟

من السنة والفقه العملي، يُستحب عند الشعور بالزلزال:

التوجه إلى الصلاة والدعاء.

الاجتماع على الذكر والاستغفار.

مساعدة الضعفاء، وتأمين الأطفال والمسنين.

ترك المعاصي والتوبة الصادقة.

التذكير بأن هذه الأحداث رسالة، لا مجرد "حدث طبيعي".

ليس الدعاء فقط.. بل مراجعة النفس

الدعاء في أوقات الخوف ليس مجرد كلمات نرددها، بل هو تعبير عن الرجوع واليقين بأن الله وحده هو القادر على الحفظ. يقول ابن القيم:

"المصائب بريد التوبة، ورسائل السماء لقلوبٍ نامت عن الذكر، فاستيقظت على وقع البلاء..."

فلننظر إلى الزلازل بعين المؤمن الذي يرى فيها نداءً ربانيًا لإصلاح النفس، لا مجرد كارثة عابرة.

دور الأهل في طمأنة الأطفال

خلال الزلازل، يشعر الأطفال برعب شديد. وعلى الوالدين:

طمأنة أبنائهم بالحنان والكلام اللطيف.

تعليمهم الدعاء مثل:

"يا الله، يا رحيم، احفظنا".

إبعادهم عن مشاهد الرعب على وسائل التواصل.

شرح أن الله يحمينا، وأن الدعاء يُشعرنا بالأمان.

الزلزال… آية تخاطب قلوبنا

كل زلزال يهز الأرض، يهزّ معه أيضًا أعماق القلوب. لحظة واحدة قد تُغير حياة كاملة. لكن من الجمال في الإسلام أنَّ الخوف يقود إلى الرجاء، والرعب يقود إلى الطمأنينة باللجوء إلى الله.

فليكن دعاؤنا عند الزلازل ليس فقط للنجاة، بل للتوبة، وليكن لساننا رطبًا بالاستغفار:

"اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، فاغفر لي، وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم."