لماذا نأكل البيض والبصل والخس في شم النسيم؟ الإجابة في التاريخ الفرعوني

لماذا نأكل البيض والبصل والخس في شم النسيم؟ الإجابة في التاريخ الفرعوني

تتزين المنازل والحدائق اليوم الإثنين بألوان الربيع الزاهية احتفالًا بعيد شم النسيم، الذي يعد من أقدم الأعياد التي يحتفل بها المصريون منذ آلاف السنين.

ويصاحب هذا اليوم طقوس خاصة وعادات متوارثة، أبرزها الخروج إلى المتنزهات، وتلوين البيض، وتناول أطعمة مميزة على رأسها الفسيخ والبصل والخس والحمص الأخضر، ولكل منها حكاية متجذّرة في التاريخ الفرعوني.

وفي كتاب "طقوس احتفالات المواسم والأعياد الربيعية" للباحث مصطفى الصوفي، يكشف فصل "أطعمة شم النسيم" عن الأبعاد الرمزية والدينية لهذه الأطعمة، والتي لم تكن مجرد وجبات، بل طقوسًا مقدسة تعبّر عن مفاهيم الحياة والخلق والتجدد.

 البيض الملون رمز الخلق وبداية الحياة

البيض الملون هو أحد أبرز رموز شم النسيم وأعياد الربيع عالميًا. ارتبط في الحضارة المصرية القديمة بـ"عيد الخلق"، حيث كان البيض يرمز إلى نشأة الحياة من الجماد.

وجاء في "كتاب الموتى" وأناشيد أخناتون أن الشمس – معبودة الحياة – خرجت من بيضة كونية، إيذانًا ببداية الخلق. ومن هنا بدأت طقوس تلوين وتناول البيض احتفاءً بالحياة المتجددة.

 البصل طارد الأرواح الشريرة وبطل الشفاء المعجزي

ظهور البصل في احتفالات شم النسيم يعود إلى عصر الأسرة السادسة، حيث تحكي إحدى الأساطير أن الأمير الصغير، ابن الملك، أُصيب بمرض غامض عجز الطب عن علاجه.

حتى جاء الكاهن الأكبر ووضع ثمرة بصل تحت رأس الطفل، وعلق حزم البصل على أبواب القصر، فشُفي الطفل في صباح اليوم التالي. ومنذ ذلك الحين أصبح البصل رمزًا للشفاء وطرد الأرواح الشريرة، واحتل مكانة على مائدة المصريين في شم النسيم.

 الخس نبات الخصوبة والتجدد

عرف المصريون الخس منذ الأسرة الرابعة، وكان يعتبر من النباتات المقدسة المرتبطة بالمعبود "من" إله الخصوبة.

كانت أوراقه الطويلة الخضراء تُقدّم في القرابين، ورُسمت في معابد الفراعنة. ومع حلول الربيع، أصبح تناول الخس تقليدًا يعبر عن الخصوبة والتجدد وبدايات الحياة الجديدة.

 الحمص الأخضر (الملانة) بشارة الربيع وزينة الفتيات

أطلق المصريون على حبات الحمص الأخضر اسم "رأس الصقر" تشبيهًا بالمعبود حور. وكانت الفتيات يصنعن من هذه الحبات عقودًا وأساور للزينة، كما كانت تُستخدم لتزيين المنازل احتفالًا بميلاد الربيع. وقد ارتبط نضوج الحمص بقدوم الخير وتفتح الطبيعة.

 شم النسيم:من طقوس الفراعنة إلى فرحة الربيع اليوم

لا تزال هذه الطقوس الموروثة تنبض بالحياة في البيوت والحدائق المصرية، حيث يجتمع الناس للاحتفال بعيد شم النسيم بطابع شعبي وروح فرعونية عميقة.

إن البيض والبصل والخس والحمص ليست مجرد أطعمة، بل رموز لثقافة تعود جذورها إلى حضارة عمرها آلاف السنين.