لم أكن أتوقع أو أتخيل في يوم من الأيام أنني سأصبح صَانعة صابون. أنا أسماء أبو الجديان في العقد الثالث من العمر، متزوجة، ولدي أطفال، قبل عدة أشهر أصيبت ابنتي بحساسية جلدية مما اضطرني لاصطحابها إلى أطباء، وكانت بحاجة لاستخدام مزيل عرق وأنواع أخرى من الكريمات والصابون.
جربتُ الكثير من الأنواع، لكن ابنتي البالغة من العمر 12 عامًا، لم ينفع معها، حتى أيقنت أنها بحاجة إلى منتجات مصنوعة من أعشاب طبيعية. بحثت وسألت، حتى توصلت إلى مهندس كيميائي برازيلي -أتواصل معه حتى اليوم- وهو من منحني وصفات لمُزيل عرق وصَابون تُصنع من أعشاب طبيعية.
صحيح أنا الآن أسكن في مخيم دير البلح للاجئين، لكنني من مواليد الإمارات، وعشت في البرازيل برفقة والديّ من عمر 5 سنوات وحتى 18 عامًا، ذلك ما ساعدني على التواصل مع المهندس البرازيلي، بحكم قدرتي على التحدث والكتابة باللغة البرازيلية.
اشتريت ما أحتاجه من أعشاب لتصنيع الخلطات، وبالفعل استخدمتها ابنتي واستفادت. طبعًا كانت كل وصفة تناسب طبيعة بشرة معينة، منها الدهنية والجافة والعادية والمختلطة والحساسة، على سبيل المثال صابونة الأرز تعمل على تنشيط وتفتيح البشرة، وأخرى خاصة للبشرة الدهنية، بحيث تعمل على تنظيفها بشكلٍ عميق.
تعلمت من المهندس البرازيلي الوصفات بدقة، لأن أي استخدام خاطئ في النسب والكميات ضمن الخلطات قد يؤدي إلى نتيجة عكسية على البشرة، ثم حصلت على دورات وتدريبات في استخدامات الأعشاب وتصنيع الصابون، حتى بدأ من يحيطون بي طلب تصنيع الصابون وبيعها لهم. حصلت على تشجيع كبير، وجاريتهنّ في طلباتهنّ التي أحبُوها وناسبتهنّ، وأصبح لديّ بعض الزبائن يدلونّ بعضهنّ البعض على منتجاتي.
عندما تطور الأمر، صنعت المزيد من الصابون بأنواع وألوان وأحجام مختلفة، وبدأت تسويقها من خلال شبكات التواصل الاجتماعي. صحيح ليس لدي الكثير من الزبائن، لكن عددهم في تطور ونمو وهذا ما دفعني للحصول على المزيد من التدريبات وتطوير مهاراتي، بالرغم من الصعوبات التي تواجهني في الوصول لبعض المواد الخام، وعدم توفرها في القطاع.
شاركت مؤخرًا في العديد من المعارض النسائية، عرضت منتجاتي على الزبائن، وكانت تجربة مثمرة بحيث تعرفت على زبائن من عدة مناطق مختلفة من قطاع غزة، وأصبحوا على تواصل دائم معي، وأرسلوا صديقاتهنّ وقريباتهنّ لشراء منتجات الصابون بعدما جربوها واستفادوا منها.
أطمح أن يتطور مشروعي لإنتاج المستحضرات الطبيعية في المستقبل القريب داخل غزة، وأتمكن من تسويقه في الأسواق المحلية بشكل كبير، بدلاً من المستحضرات المنتشرة والمصنوعة من مواد كيماوية، مهما كانت لديها فوائد في بداية استخدامها ستعود بالضرر مستقبلاً على البشرة.
تصوير: رزق عبد الجواد، الوكالة الصينية